النص:
إن أشياء الطبيعة لا توجد إلا وجودا مباشرا وبكيفية واحدة، أما الإنسان فإن له،إذ هو روح،
وجودا مزدوجا : فهو يوجد من جهة مثل أشياء الطبيعة، ولكنه من جهة أخرى يوجد من أجل ذاته‘
يتأمل ذاته و بتمثلها و يفكر في ذاته. إنه لا يكون روحا إلا بهذا النشاط الذي يشكل وجودا لذاته‘ و يكتسب الإنسان هذا الوعي بالذات في صورتين: أولا في صورة نظرية لأن عليه أن ينكفئ على ذاته من أجل أن يعي كافة ثنايا القلب البشري و ميولا ته ، و بصفة عامة أن يتأمل ذاته و يتمثل ما يمليه عليه الفكر بوصفه ماهية، و أن يتعرف على ذاته على وجه آخر سواء فيما يستخرجه من أعماقه الخاصة و مما يتلقاه من معطيات العالم الخارجي. ثانيا في صورة عملية لأن الإنسان يكون ذاته من أجل ذاته بواسطة نشاطه العملي، لأنه مدفوع إلى أن يجد ذاته و يتعرف عليها فيما يعطاه مباشرة و يعرض عليه من خارج. و هو يبلغ ذلك عن طريق تحويله للأشياء الخارجية التي يطبعها بطابع داخلته، و التي لا يعثر فيها إلا على تعييناته الخاصة.
إن الإنسان يسلك على هذا النحوـ بما هو ذات حرة ـ من أجل أن ينزع عن العالم غرابته القاسية. و أن لا يلتذ بالأشياء إلا لأنه يجد فيها الشكل الخارجي لحقيقته الواقعية. إن هذه الحاجة إلى تغيير الأشياء الخارجية، هي مرسومة سلفا في الميولات الأولية للطفل الصغير؛ إنه عندما يلقي بالحجارة في بركة ماء فيتملكه الإعجاب من الدوائر التي تتشكل على صفحتها ؛ إنما يعجب في الواقع بعمل إبداعي يحظى فيه بمشهد لنشاطه الخاص.
الأسئلة:
1ـ حدد إشكال النص.
2ـ حدد أطروحة النص.
3ـ بماذا يتميز وجود الإنسان عن أشياء الطبيعة؟
4ـ استخرج من النص شكلين من أشكال وعي الإنسان بذاته،و اشرحهما.
5ـ بين الدلالة الفلسفية لمثال الطفل الصغير و بركة الماء في آخر النص.