لقد شكلت الطبيعة و لازلت بالنسبة للإنسان ذلك المجال الحيوي الذي استطاع من خلال ضمان بقاء وجوده, كما أنها هي ذلك المجال الذي برهن الإنسان من خلاله على ما لديه من أفكار و قدرات و مواهب
و إذا كان الإنسان هو ذلك الكائن الفاعل فإن الطبيعة تشكل مجالا لفعله, و عن طريق هذا الفعل يغير الإنسان الطبيعة و يحوّل أشياءها إلى منتوجات, و هو في نفس الوقت يغيّر من ذاته و من وعيه أيضا, لقد شكلّت الطبيعة بالنسبة للإنسان دائما لغزل محيّرا, فكلّما اعتقد أنه تمكّن من فهمها و التوصل إلى قوانينها إلا و باغتته بأسرار جديدة و بظواهر غريبة و كشفت له عن مدى قوّتها, الشيء الذي دفع الإنسان إلى أن يكون دائما في حالة استنفار و هو يواجه الطبيعة إلا أن هذه الأخيرة تمثل بالنسبة للإنسان تلك المعشوقة التي أحبّها و أغرم بجمالها و مفاتنها
من هنا هذه العلاقة المركبة بين الطبيعة و الإنسان
فأيّة علاقة بين الإنسان و الطبيعة ؟ هل هي علاقة صراع و مواجهة و عداء أم هي علاقة محبّة و تجانس و انسجام
تحليل نص ديكارت
سؤال النص
يطرح هذا النص سؤالا ضمنيا هو : كيف يمكن للإنسان تحقيق السيطرة على الطبيعة ؟
رأي ديكارت
يعتبر ديكارت أن بإمكان الإنسان السيطرة على الطبيعة و التحكم فيها إذا هو اهتدى إلى معرفة قوانينها, و ذلك اعتمادا على معرفته بمبادئ العلم و بما أسماه " الفلسفة العملية" الذي اعتبرها بديلا للفلسفة النظرية
استنتاج
نستنتج من رأي ديكارت أن علاقة الإنسان بالطبيعة علاقة سيطرة و تحكم و مواجهة, و هذه العلاقة المحكومة بهذه الرؤية هي التي برزت مع بزوغ العلم الحديث في أوروبا, حيث تبيّن للعلماء أن معرفة الطبيعة و الإمساك بقوانينها لا يتأثر إلا بقوانين العلم
لكن إذا كان العلم قد سمح للإنسان بمعرفة كثير من القوانين المتعلّقة بالظواهر الطبيعية, فهل هذه الصورة الإيجابية هي الصورة الوحيدة التي أسفر عنها ظهور العلم ؟