الشرقاوي وافق
الشعر الصوفي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الشعر الصوفي 829894
ادارة المنتدي الشعر الصوفي 103798
الشرقاوي وافق
الشعر الصوفي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الشعر الصوفي 829894
ادارة المنتدي الشعر الصوفي 103798
الشرقاوي وافق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الشعر الصوفي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Raefet7
عضو ماسي
عضو ماسي
Raefet7


ذكر عدد المساهمات : 2384
نقاط : 59753
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 11/02/2010
العمر : 28

الشعر الصوفي Empty
مُساهمةموضوع: الشعر الصوفي   الشعر الصوفي Dc3srhibiyuaw8ppyxj6الأربعاء سبتمبر 22 2010, 19:47


الشعر الصوفي
المقدمة
يمثل الأدب الصوفي لونا من ألوان الأدب الرفيع يحمل في طياته أسمى معاني وخصائص السموالروحي. والشعر الصوفي نوع جديد قديم من أنواع الأدب الفني الذي عرفته المجتمعاتالإسلامية في العصور المختلفة
أما كلمة صوفي، فيردها بعض الصوفيين إلى كلمة "الصوف" كمرجعية بسيطة تناسب نسبتها اللغوية أو للبسهم إياه. لكن نسبتها إلى الكلمةاليونانية "صوفيا" Sophia التي تعني "الحكمة" يبدو أقرب إلى الصواب، بل إلى المنطقالصوفي ذاته. فلقب "الصوفي" الذي أطلق أوّل ما أطلق على أبي هاشم الكوفي، المتوفىعام 150ه/768م، ربما كان يقصد به الحكيم؛ وباعتبار أن الصوفية العربية أخذت بمبدأالاتحاد والحلول، كان من المرجح أن يجعل مريدوها من صوف الماعز محلاً حسياًلدلالتها المعنوية للتقارب اللفظي بينهما، بما يفسر لبسهم للصوف في مراحلهم المبكرةأكثر من أي سبب آخر. ومع ذلك ينبغي عدم إغفال الأسباب المقاربة مثلاً بين صوف الكبشوالتضحية بالنفس، وخاصة عند الصوفية المحاربة .
هذا التوقف الشكلانيلاشتقاق مصطلح الصوفية قد يماثله الإشارة إلى تاريخها الممتد منذ ما يزيد على ألفعام (منذ سنة 100 للهجرة تقريباً )؛ وهو تاريخ كاف ليماثل شعريَّتها مع الشعرالمكتوب خلال هذا الزمن المديد تأثُّراً ومحاكاة تقليدية لمختلف اتجاهاته وأغراضه،بما يفقِد المصطلح دلالته الشعرية، محيلاً إياه إلى مجرد أسلوب ترميزي، له دوافعهالوقائية، احتراساً من أعداء الصوفية أن يطَّلعوا على أسرارها، أو له أسبابهالإبداعية، كالقول بقصور اللغة عن استيعاب المعاني العلوية والمجردة. غير أن أياًمن المسوِّغَيْن لا يقدِّم فهماً للشعرية الصوفية باعتبارها رؤية للوجود أساساً،كان لها تعبيرها المتباين بين تجربة وأخرى، أو بين شاعر وآخر . الشعرية الصوفية
ترى الصوفية أن الكون على ثلاث مراتب: "علوية، وهي المعقولات، وهي مرتبة للمعاني المجردة عن المواد التي من شأنها أن تدركبالعقول. وسفلية، وهي المحسوسات، من شأنها أن تدرك بالحواس. وبرزخية، ومن شأنها أنتدرك بالعقل والحواس، وهي المتخيَّلات، وهي تشكل المعاني في الصور المحسوسة." وأيّمريد للصوفية سوف يجاهد للسموّ من العالم السفلي المحسوس إلى العالم العلوي المعنويبهدف المكاشفة والمشاهدة فالاتحاد بالذات الإلهية الكبرى. لكن ذلك نادراً ما يتمإلا عن طريق عالم البرزخ الذي هو تركيب من العالمين الحسي والمعنوي، وهو عالم شبيهبالحلم ما دام يعيشه الصوفي ذاتياً، أو وفقاً لمقامه الذي استطاع الوصول إليه.
بعبارات أخرى، إن الصوفية لا تتحقق من خلال هذا العالم المحسوس أو وفقاًلقوانينه الطبيعية، وإنما يبدأ وجودها مع عالم البرزخ الخيالي، وصولاً إلى العالمالمعنوي. وهي، بتبنِّيها لمبدأ الرياضة والمجاهدة، غير متماثلة عند جميع الصوفيين،بل إنها، حين تؤكِّد على وجود موضوعي للعالم الخيالي وللعالم المعنوي، فإنها تؤكدمن جهة أخرى على ذاتية مريديها في رؤيتهم للكون، وعلى تمايز طرائقهم في ذلك.
تأسيساً على هذه الرؤية وحدها يمكن مقاربة الشعرية الصوفية على أنها تجربةذهنية قد تسبقها أو ترافقها تجربة جسدية ليس غايتها التعبير عن المحسوس بأية طريقة،وإنما على النقيض من ذلك – أو على الأقل ليس غايتها سوى تهيئة النفس للدخول إلىعالم الخيال الحقيقي. وهكذا لا يكون الشعر "صوفياً" إلا حين صدوره عن مرتبتي البرزخوالمعاني المجرّدة، أو عن التجربة المفضية إليهما. وبهذا سوف تفترق الصوفيةالعربية، كمصطلح، عن مرجعيَّتها اليونانية، فلا يكون للحكمة أو للزهد أو للحب أولأيّ موضوع آخر صلة جوهرية بها حتَّى ولو قالها المتصوفون أنفسهم. بل إن في أدبياتالصوفية وأقوالها ما يميز بين ما هو صوفي وما هو غير ذلك، حتى في الأشعار الصادرةعن مرتبة الخيال أو البرزخ. بل إن ابن عربي جعل من هذا التمييز سبباً من أسبابالرياضة والمجاهدة. لذلك لن يكون إغفال الحديث عن الموضوعات الصوفية وتقاطعاتها معالموضوعات العامة تقليلاً من أهميتها بقدر ما هو محاولة لإبراز سمات الشعريةالصوفية المميِّزة لها عن جماليات الشعر العربي المعروفة، علماً أن الصوفية اتكأتعلى هذا الشعر إلى أقصى حدّ ممكن.
ثم إن القول بتماهي الشعرية الصوفيةورؤيتها لا يعني بالضرورة أن كل من تبنَّى هذه الرؤية هو شاعر لذلك. فليس كلالصوفيين شعراء، وليس كل الشعراء الصوفيين على مستوى متماثل في الإبداع والموهبة. ومادامت غاية هذا البحث هي شعرية في كافة المعايير المطروحة فيه، فإن ما يهمُّهمنها سوف يتعلق بمدى الإبداع الذي حققه الشعراء بكونهم صوفيين، وليس بكونهم شعراءوحسب. وفي واقع الحال أنه كلما كان الشاعر مبدعاً وصاحب موهبة، استطاع أن يتمثلالرؤية الصوفية إبداعياً، مع ملاحظة أن عكس ذلك ليس صحيحاً دائماً. فهذا الحلاجمثلاً هو أحد أعلام الصوفية الكبار على مرّ العصور، لكنّ نتاجه الشعري، إضافة إلىقلته، لا يشكِّل قيمة إبداعية توازي تجربته الوجودية والفكرية. بينما للنفَّري،مثلاً، شأن إبداعي آخر لا يقل عن منزلته الصوفية عند مريديه. لكن هذا الرأي المسبققد لا توضحه تماماً إلا دراسة إجمالية للشعر الصوفي كله.
التقليدوالتجاوز
إذا كان من المتعارف عليه أن الشعرية الصوفية لا تطرح نظريةجمالية لما هو الشعر وكيف ينبغي أن يكون، مادامت لا تولي أيّة أهميّة لفنّيته، فذلكلأنّها – كما سبق القول – فيض عن رؤية وجودية للكون أكثر مما هي رغبة بإبداع شعريةجديدة – وإن ستبدعها فعلاً. وإذا كانت بهذا المعنى تشكل قطيعة رؤيوية مع الشعريةالعربية في سموِّها عن الواقع الحسي، واتخاذها لعالم الخيال منطلقاً لها، غير أنهالم تفعل ذلك دائماً على صعيد الكتابة الإبداعية. فأن يكون عالم الخيال هذا برزخاًبين ما هو حسِّي وما هو معنوي قد لا يعني عند معظم الشعراء الصوفيين سوى تحميلالأشعار الحسية دلالات معنوية قد لا تؤثر في خيال الشاعر ولا في صياغته الفنية لامن قريب ولا من بعيد. بل إن الكثير من أشعارها ليس أكثر من اقتباسات ومحاكاة شبهحرفية لأشعار الآخرين، ومن غير أية خصوصية فنية تذكر:
هل نارُ ليلى بدتْ يوماً بذي سلمِ أم بارقٌ لاح في الزوراءفالعلم
من المفترض أن يكون هذا البيت صادراً عن مرتبة البرزخ، كونهيجمع بين ما هو حسي، وهو الظاهر من الكلام، وما هو معنوي، وهو الباطن المفترض. لكنصياغته الفنية ليست أكثر من محاكاة تقليدية للشعر الجاهلي. فهو يذكِّر بمطلع معلقةعنترة إيقاعاً ووزناً وقافية، وهو يذكّر باحتفاء الشعر الجاهلي بذكر الأمكنةولاسيما الوقوف على أطلالها – مطلع معلقة امرئ القيس مثلاً. أما الظاهر من معنى هذاالبيت فلا يتجاوز رغبة الشاعر بدعوة ليلى له إما في موضوع ذي سلم أو في موضعيالزوراء والعلم. وأما المعنى الباطني فهو ليس أكثر من تحميل دلالي لألفاظه؛ فتكونليلى هي الذات الإلهية، والنار والبرق إحدى تجلِّياتها. ومن الملاحَظ أن هذاالتحميل لم يغيِّر في بنية البيت الفنية، فبقي على حاله تقليداً ومحاكاة للشعرالجاهلي.
لكن الشعر الصوفي في زمنه الإبداعي هو امتداد للشعر المحدث، حتىإن هناك من يعتبر أبرز أعلامه من أمثال أبي نواس وأبي تمام والمتنبي من أتباعالمذاهب الباطنية المتوافقة إلى حد كبير في أفكارها مع الأفكار الصوفية. وإذا كانالشعر المحدث يماثل في فنِّيته مرتبة البرزخ على أساس أن صوره غالباً ما تقوم علىبنية تجمع بين الحسي والمعنوي، فإن ما ينبغي ملاحظته أن الشعر المحدث، حتى في صورهالمتخيَّلة، هو في مجمله من هذا العالم، وغالباً ما يعود بدلالاته إليه؛ بينماالشعر الصوفي حتى في اتِّكائه على الشعر المحسوس هو متعالٍ مادام يصدر عن مرتبةأعلى من مرتبة العالم المحسوس الذي يعيشه البشر والطبيعة. وهذا التعالي ربما كانافتراضياً، لكن الشعراء الصوفيين استطاعوا من خلاله أن يشكِّلوا ما يشبه المنظومةالفنيّة داخل الشعر المحدث ذاته، وذلك على الرغم من تأثرهم به وتقليدهم له:
وأرضعني ثديَ الوجود تحقّقاً فما أنا مفطومٌ ولا أنا راضعُ
إن "ثدي الوجود" تركيب لا يُلمَح له شبيه، لا في الغزل العذري ولا فيالغزل الماجن؛ إنه يدل على شبقيَّة يستطيع علم النفس الحديث أن يظهر من خلالها عقدةأوديبية صريحة، لولا أنه تركيب صادر عن التجربة الصوفية وحدها. فهو يحيل ببساطة إلىحديث للرسول يشبِّه فيه العلم باللبن.

وإلى ذلك، سوف تبرز خصائص الصوفية فيالشعر الموزون من خلال هذه المنظومة الفنية بشكل أوضح حين تفعيلها للتجربة الذهنيةبما لا سابق له في الشعر العربي، وخاصة حين صدوره عن مرتبة المعقولات والاتحادبالذات الكبرى. غير أنه ينبغي عدم التفاؤل كثيراً؛ فمع أن هذا الشعر أنتج الكثير منالإلماحات غير المألوفة في العقلية العربية، إلا أنه لم يستطع، في معظم نتاجه، أنيرتقي إلى مصاف التجريد المقبول فنياً:
كلماتٌ من غير شكل ولا نطق ولا مثل نغمة الأصواتِ
فكأنّيمخاطباً كنتُ إيّاهُ على خاطري بذاتي لذاتي
ظاهرٌ، باطنٌ، قريبٌ، بعيدٌ، وهو لمتحوهِ رسومُ الصفاتِ
هو أدنى من الضمير إلى الوهم وأخفى من لائح الخطراتِ
إنّ الشاعر في صدوره عن مرتبة المعقولات يحاول أن ينزِّه الله عنأي ملمح حسّي. إنه ينقل بدقة موضوعية ماهية الموصوف وتأثيره عليه. لكن التجريد حينيأتي سوف يأتي من كون الموصوف هو معنويّ بذاته وليس نتاجاً لصياغة فنية. وربما منأجل هذا لا تقدم إشراقات الصوفية أية كشوف فنية؛ فهي، في معظمها، محاكامات وشروحاتلما هي عليه هذه المرتبة بما يفقدها الكثير من المقومات الشعرية. وليس الشطحالصوفي، ولاسيما المنظوم منه، ببعيد عن ذلك؛ إذ إن الشاعر حين وصوله إلى مرتبةالاتحاد لا يفعل أكثر من الاحتفاء بذاته وغنائها:
أنا مَنْ أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا
فإذاأبصرتني أبصرته وإذا أبصرته أبصرتنا
فهذا الغناء، لطبيعته الحلولية،يحيل إلى الشاعر ذاته، فتبقى بذلك لحظة الكشف غائبة، بل من المستحيل معاينتها مادامأن ما يراد كشفُه هو معنوي ومجرَّد في ذاته أيضاً. وربما أقصى ما استطاعت أن تبدعهالصوفية في تكوينها لمرجعيَّتها الرؤيوية هو الإبداع من داخل منظومتها المستعارة منالشعرية المنجزة، بعد تجريدها ذهنياً، وإدخالها في منظومة الدلالات الصوفية المتفقعليها مسبقاً:
أباحتْ دمي إذ باح قلبي بحبِّها وحلَّ لها في حكمها مااستحلّتِ
وما كنت ممَّن يظهِر السرّ إنما عروس هواها في ضميريتجلَّتِ
فألقت على سرِّي أشعة نورها فلاحتْ لجلاسي خفايا طويَّتي
ومنعجبٍ أن الذين أحبهم وقد أعلقوا أيدي الهوى بأعنَّة
سقوني وقالوا: لا تغنِّولو سقوا جبال حنينٍ ما سقوني لغنّتِ
إن تركيب "عروس هواها" لايمكن أن يخطر على بال المتأمِّل فيما هو حسي أو برزخي، ذلك أنه نتاج معرفي محض. فالضمير "ها"، صحيح أنه يعود إلى الخمرة، لكن من غير المتعارف عليه أن تكون المحبةبتأثيرها، وإنما يكون للحبيبة تأثير يشبه تأثير الخمرة المسكر. ولولا تماهي دلالةالخمرة بدلالة المعرفة في ذهنية هذا الشاعر لما توصل إلى إبداع مثل هذا التركيب. بلإن الأبيات كلَّها تنشئ علاقة بنيوية بين العالمين الحسي والمعنوي يكون فيها الأولتابعاً للثاني على غير ما هي الحال عادة.
التجديدوالريادة
بعد ذلك يبدو أن السبل المنجزة قد ضاقت بالشعرية الصوفية. فهيحتى الآن قد أقامت رؤيتها الوجودية في جانب واستعارت رؤيتها الفنية من جانب آخر. لذلك كان جديراً بها أن تعمل أكثر من أية حركة شعرية أخرى على خلخلة جمالياتالشعرية العربية ومفاهيمها، فطرحت مسألة العروض على طاولة البحث، وقامت جدياًبالخروج عن منظومة الأوزان الخليلية عبر تكسيرها ورفض الالتزام التام بقوانينها. وكانت حجَّتها في ذلك – كما هي دائماً – التسامي عن أي توجُّه فني لإبداعها:
شعرُنا هذا بلا قافية إنما قصدي منه حرف ها
غرضي لفظةُ هامن أجلها لست أهوى البيع إلا ها وها
فمع أن الشاعر يكتب هذا الشعرموزوناً ومقفَّى، إلا أنه يخلع القداسة عنهما ليطرح إمكانية الإبداع من غير قافية. وربما لم يكن التزامه بها، أو بالشعر الموزون عامة، إلا لشغفه الغنائي بالذاتالمطلقة، بما يجعله يكرِّر حرف الهاء الدال عليها. لكن كل هذا التبرُّم من الأوزانوالقوافي تم فعلاً بعيداً عن الصوفية ورؤيتها. وإنما جاء هذا التمهيد للتأكيد علىأن الشعراء الصوفيين لم يتخذوا مواقفهم الجمالية من الشعر السابق لهم اعتباطياً ومنغير دراية به؛ وليؤكد أيضاً على أنهم طالما عملوا على ابتكار شعرية جديدة تنسجم معرؤيتهم إلى الكون، بما يفارق الشعرية القديمة تماماً.
وربما لم يصل هذاالعمل إلى مبتغاه من التحقق والانسجام إلا حين تخلى الشعراء الصوفيين عن الشعرالموزون جملة وتفصيلاً، لأنهم بذلك بدؤوا مرحلة جديدة من الإبداع ربما لم تعرفهاالشعرية العالمية من قبل. ومن هنا قد يكون غياب المصطلح النقدي، أو عجزه عن توصيفشعرية تلك المرحلة في حينه، دلالة على أصالة هذا العمل وابتكاره. فالشعر النثري أوقصيدة النثر أبداً لم تكن غريبة عن الشعرية العربية، وأي منصف لهذه الشعرية لابد أنيعود إلى الشعر الصوفي ليتحقق من أنها إحدى إنجازاته.
غير أن القول لاينبغي أن يذهب بعيداً جداً، ولا ينبغي له، في الوقت نفسه، أن يقلِّل من أهميةالريادة الصوفية. بل إن هذه الريادة هي ما يدعو للتريث في إطلاق التوصيف، يدعوللتريث وحسب. فالنقد مطمئن لإنجاز لا يدعو للشك في شعريَّته النثرية. إنّ مواقفالنفّري ومخاطباته كافيتان وحدهما لمثل ذلك.
لكن مواقف النِّفَّريومخاطباته، وحتى شطحات البسطامي والشبلي، هي عناوين دلالية، موضوعاتية، وليستتوصيفات نوعية لأشكالها. لذلك، ومثلما يحاول هذا البحث أن يردّ للصوفية ما لها منريادة في إبداع قصيدة النثر، يجب الاعتراف، في المقابل، أن مصطلح "قصيدة النثر" هذاهو إبداع فرنسي. لكن مثلما أن إبداع المصطلح لا يعني إبداع القصيدة، فإن ما ينبغياكتشافه أو إعادة الاعتبار إليه في الشعرية الصوفية ليس لبنة أولى، أو شيئاً يشبهقصيدة النثر، بل هو قصيدة النثر ذاتها. إضافة إلى ذلك، لا يلزِم الاعتراف بأسبقيَّةإبداع المصطلح على الأخذ بمضمونه مادام قد صار للنقد العربي رأي في ماهية قصيدةالنثر وتعريفها على أنها كل شعر خال من الوزن والقافية. لكن الانطلاق من هذاالتعريف قد لا يكفي بمفرده هنا للتمييز بين ما هو شعري، في تلك العناوين، وما هونثري لا قيمة إبداعية أو شعرية له. وربما إشكالية التمييز هذه أكثر ما تبرز فيالنصوص "الشطحية"، أو فيما يرد تحت اسمها. فالشطح في صدوره عن مرتبة الاتحاد سوفيقال بشكل ارتجالي، لاإرادي، ويكون تعبيره، في هذه الحالة، منظوماً غالباً، كقولالحلاّج السابق. لكن معظم شطحات البسطامي، مثلاً، مرويَّة بطريقة نثرية، وهذهالرواية النثرية قد لا تقلل من شعرية الشطح بقدر ما تدل على نوعيَّتها كقصيدة نثر؛إذ إن هذه القصيدة لم تُسَمَّ كذلك لتخلِّيها عن الوزن والقافية فقط، وإنمالاشتراكها مع الأنواع النثرية الأخرى في أشكالها الخارجية أيضاً، لكن بما لا يخلّبشعريَّتها وبنيتها كقصيدة - الشيء الذي سوف تدل عليه النصوص الإبداعية، وإنْ علىنحو متباين:
رفعني مرة فأقامني بين يديه وقال لي: يا أبا يزيد! إن خلقييحبون أن يروك. فقلت: زيِّني بوحدانيَّتك، وألبسني أنانيَّتك، وارفعني إلىأحديَّتك، حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك. فتكون أنت ذاك، ولا أكون أنا هناك.
قد يكون هذا النص متكاملاً كبنية شكلية، وهو كفعل ودلالة يمثل انقطاعاً عنالمعقول في الذهنية العربية. غير أنه لا يستطيع مع ذلك أن يبدع فسحة شعرية إلا منخلال مستوى الصدق والكذب الذي تحقِّقه التراكيب المحدثة. وهذا المستوى ضيق جداّبحيث لا يعتدُّ به في شعرية القول وفنِّيته، مادام لا يخرج عن كونه تقريراًإخبارياً يشرح أبو يزيد من خلاله كيف يرغب بلقاء خلق الله؛ وهو شرح محدّد فيدلالته، وحياديّ في بيانه، بلا مشاعر، وبلا إلماح. إنه يبيِّن كيف يكون الاتحاد،ولكنه لا يصل إلى مرتبة الشطح حيث القول صادر عن وجد ومعاناة يمكِّنانه من أن يكونشعرياً. لكن حتّى في مثل هذا البناء الإخباري يمكن أن يحضر الشعر، ولاسيما إذا ماتوفّرت له المقومات التي تحرِّره من حدوده وإخباريَّته، كما هي الحال في هذهالقصيدة التي تبدو وكأنها استكمال للنص السابق:
أول ما صرت إلى وحدانيَّته،صرت طيراً، جسمه من الأحديَّة، وجناحاه من الديمومة. فلم أزل أطير في هواءالكيفيَّة عشر سنين، حتى صرت إلى هواء مثل ذلك مئة ألف مرة. فلم أزل أطير إلى أنصرت في ميدان الأزليَّة، فرأيت فيها شجرة الأحديَّة… فنظرت، فعلمت أن هذا كلُّهخدعة.
إن شعرية هذه القصيدة تقوم على تحقق الفعل ونفيه في الوقت نفسه، بمايشبه الحلم واليقظة. وهذا التشابه يُخرِج دلالات القصيدة من إخباريَّتها المحضة إلىفسحة الإلماح والتخمين. وقد يبدو تركيبها السردي مماثلاً للشعر المحدث في تجسيدهلما هو معنوي ومجرد؛ فعبارات "هواء الكيفيَّة"، "ميدان الأزليَّة"، "شجرةالأحديَّة"، لا تختلف عن "ماء الملام" لأبي تمام إلا دلالياً. وكذلك بنية هذا السردالحكائية هي متداولة حتى في الكلام العادي، مع أنها تنقل عالماً غير محدَّدالمعالم. إنه عالم البرزخ الذي لا يمكن استعارته مادام خارج هذا الكون؛ فهو برزخ منعالم المعقولات العلوية ولا ينتمي لمرتبة البرزخ البشرية. لذلك، وعلى الرغم من صحةالتوصيف الفني لتراكيبه بتماثلها مع الشعر المحدث، غير أنها لا تُفهَم من خلاله. ذلك أن هذه القصيدة لا تقدم تجربة فنية قاصدة جماليَّاتها، وإنما هي منقولة عنتجربة ذاتية هي تجربة شعرية في معيار الكتابة، أي بسبب كتابتها. إذا لا وجود للشعربلا شعراء، ولا وجود للشعراء بلا قصائد، بمعنى أن دلالة قصائد البسطامي علىشعريَّته هي أهم بكثير من نظمه لقصائد شعريَّتها مستعارة من غيره؛ بكلام أوضح، إنجهل البسطامي ومعاصريه بشعريَّة شطحاته، أولاقصديَّتها في ذلك، ينبغي أن يفهم فيسياقه التاريخي، ومن طبيعة التجربة ذاتها، أي من خلال رؤية البسطامي لما يقول علىأنه حقيقة واقعة، وليس إثباتاً لحلم أو لوهم، له دلالاته النفسية المفترَضة. لذلكقد يصح ألا تفهم تراكيب هذه القصيدة وصورها على أنها تراكيب فنية. فالبسطامي كانيعتقد أَنه قد صار طيراً حقاً، له جسم من الأحديَّة، وجناحان من الديموميَّة. وهذاالاعتقاد قد يكون مقبولاً، أو غير ذلك، إلا أن ما قالته هذه القصيدة ليس من هذاالعالم، ولا يفهم من خلال أقواله. فهو، حين يماهي بين ما هو حسِّي وما هو معنوي إلىحد يمتلئ فيه القول بدلالته بما ينفي ويتجاوز إشارية القول التقليدي إلى إبداعيوازي بين القول وتجربته، فذلك لأن طموح البسطامي يبدو أبعد من هذا القول وتجربتهمعاً، وإلا فما الذي يفسر انخداعه في النهاية
قضايا الشعر الصوفي

تميز الشعر الصوفي فيالأدب الاسلامي بعدد من القضايا والأغراض استقل بها شعراء الصوفية وتميزوا فيها،منها :
۱- التقشف والزهد في الدنيا: ويتمحور حديث الشعراء فيه حول الوعظوالتذكير من ناحية والحكمة الدينية من ناحية أخرى، حيث يمثل الزهد أحد المقاماتوالطرق الموصلة إلى الله.
۲- الحب الإلهي: ويمثل هذا الاتجاه أكثر المجالاتوفرة وارتيادا لشعراء الصوفية، حيث اتخذوا الغرض أداة للاستعانة على بث معاني القربوالتودد إلى الذات الإلهية.
۳- المقامات: ويستهدف هذا الغرض من الشعر إبراز ماتحقق للعبد من المكاسب الخاصة من خلال مجهوداته وعباداته وما حصل عليه من المواهبالربانية.
۴- المناجاة: ويعد هذا النوع من الشعر بمثابة سرد للتجربة الشخصية فيالتصوف.
۵- المديح النبوي: وهو من أكثر المجالات إنتاجا وإبداعا لدى شعراءالصوفية. ويعتبره الصوفيون من أجل أبواب القربات إلى الله.
۶- التوسلوالاستغاثة: وهو من أهم خصائص الشعر الصوفي، ويهدف إلى التماس قضاء الحاجة بواسطةالنبي وبغيره من الأنبياء والأولياء الصالحين عند الله.
۷- مدح الشيوخ: ويستهدفهذا اللون إطراء شيوخ الطرق الصوفية وإبراز مآثرهم وكراماتهم بغرض إثبات أحقيتهم فيالتقديم والتبجيل.



نماذج من الشعر الصوفي:

يقول الشيخ محمدالناصر كبر في قصيدته «لوامع البرق في وصف حال أهل الشوق{ في الحبالإلهي:
قتيل الشوق يرحمه السلامويسقي غيرَ مفْسَدِه الغمامُ
أشوقإليك يا رحمن شوقاكما شاقتك سادتُنا الكِرامُ
عباد عنهم الرحمن راضولم يرددهمُعنه الملامُ
يقومون اللياليَ في تناجٍليومهمُ بلا مللٍ صيامُ
فلا تلقاهمُ إلاوقوفاعلى الأقدام أنحلَهَا القيامُ
يحبّون الإله وحُق حقابشرع الحب أن يُطوىالمنامُ
شراب الشوق في الأحباب يزكوطعامُ الذكر ذاك هو الطعامُ
ونور الشوق فيالأحباب يزكوونارُ الشوق كان لها اضطرامُ
وتزكو فيهمُ شيئا فشيئاعلى التدريجيرتحِلُ الظلامُ
وتوقد نار ذاك النورِ وقدافيحترقُ الحجاب المُستدامُ
تظنهمُمن الأشواق جُنواوما جُنوا ولكنْ فيه هاموا
أساموا في الرياضِ وما أساموابهاولكن بجنّتها أساموا
جَنوا منها قطوفا دانياتيوانعَ قد تعاورها انسجامُ
فجالَالعاشقون الهيمُ بحراخضما لا يُخاض ولا يعامُ
غَذَوا أرواحهم بلبان عشقفهم فيحِجره أبدا نِيامُ

يقول الشيخ عثمان بن فودي في داليته المشهورة عنمشاعر الشوق لزيارة الرسول(ص):
هل لي مسير نحو طيبة مسرعالأزور قبر الهاشمي محمد
لما فشارياه في أكنافهاوتكمّش الحجاج نحو محمد
غودرت أنهمل الدموع موبلاشوقا إلى هذاالنبي محمد
أقسمت بالرحمن ما لي مفصلإلا حوى حب النبي محمد
أحكي المصاب بشوقهلما عرىما لي لذيذ العيش دون محمد
قد كنت شوقا أن أطير لقبرهما لي سرور دون زورةسيد
إن قيل لي ماذا يشوقك في الورىفأقول إني عاشق لمحمد
من عرش رب العالمينجنودهما في الورى مثل النبي محمد
يقول الشيخ أمير المؤمنين محمد بللو في التوسلبأهل النوبة:
يا أهل نوبة هذا الوقت للباريقصدتكم فأمدوني بأنوار
أنتمذخيرتنا في كل نائبةوأنتم عوننا في نيل أوطار
عونا على فتح أبواب الدخولإلىحضرات وصل تداني القرب للباري
فداركوني فقد خلفت في حجبو غُلّق الباب دوني ياالأخيار

- - -
أهداف الشعر الصوفي:

الملاحظأن الشعر الصوفي كان في أغلبه مدائح نبوية وتوسلات بالرسول والصحابة والأولياء, وقدتجلى هذا الاتجاه بوضوح في العصر الحديث ، وفي الجزائر خاصة، بعد أن تعرضت الجزائرلحملات الدول الأجنبية, وبخاصة الحملات الإسبانية، وقد عمل الأتراك العثمانيونأثناء وجودهم في الجزائر على تشجيع هذا اللون من الشعر و(وجد من الشعراء من يكتبقصة الرسول كاملة منذ ولادته حتى وفاته, أو يتحدث عن معجزاته آو يصف جماله الظاهروالباطن, ويشيد بنبوته وأخلاقه, بل من الشعراء من أرخ لغزواته وتحدث عن صحابته وأهلبيته وآثاره وفضائله... بل وجدت كتب معظمها صلوات على النبي ليس فيها من الشعر قليلأو كثير)

وقد دأب هؤلاء الشعراء على نظم قصائد المدائح كلما حل شهر ربيعالأول، وكان مدح الدايات في العهد التركي مختلطا بمدح الرسول والتوسل به, ومنالمؤكد أن الاستعمار الفرنسي عمل على تشجيع هذا الشعر لأنه لم يشكل خطرا ولا تهديداعلى وجوده
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشعر الصوفي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشرقاوي وافق ::  المواد الادبية :: العربية :: الثانوي :: الاولى باك-
انتقل الى: