لكثرة حبي للكتب الأدبية والروايات، أسعى دائما إلى إفادة الجميع وجعلهم يتذوقون الأدب العربي الراقي، وأود أن يقرأ كل واحد هذه الروائع العربية المثيرة التي تزهر بها مكتباتنا العربية.
اليوم أضع بين أيديكم الرواية العظيمة " الفضيلة" لمصطفى المنفلوطي، وفيما يلي ايجاز عن سيرة هذا المؤلف الذي سحر كبار المؤلفين بمؤلفاته..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
مصطفى لطفي المَنْفَلُوطي (1876 -1924م) هو مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي أديب مصري من أم تركية قام بالكثير من ترجمة و اقتباس بعض الروايات الغربية الشهيرة بأسلوب أدبي فذ و استخدام رائع للغة العربية . كتابيه النظرات و العبرات يعتبران من أبلغ ما كتب بالعربية في العصر الحديث .
ولد مصطفى لطفي المنفلوطي في منفلوط إحدى مدن محافظة أسيوط في سنة 1876م ونشأ في بيت كريم توارث اهله قضاء الشريعة ونقابة الصوفية قرابة مائتى عام ونهج المنفلوطى سبيل آبائه في الثقافةوالتحق بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك فحفظ القرآن الكريم كله وهو دون الحادية عشرة ثم أرسله ابوه إلى الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلده وقد اتيحت له فرصة الدراسة على يد الشيخ محمد عبده وبعد وفاه أستاذه رجع المنفلوطى إلى بلده حيث مكث عامين متفرغا لدراسة كتب الادب القديم فقرأ لابن المقفع و الجاحظ والمتنبي وأبى العلاء المعري وكون لنفسه أسلوبا خاصا يعتمد على شعوره وحساسية نفسه .
المنفلوطي من الأدباء الذين كان لطريقتهم الإنشائية أثر في الجيل الحاضر، كان يميل إلى مطالعة الكتب الأدبية كثيراً، ولزم الشيخ محمد عبده فأفاد منه. وسجن بسببه ستة أشهر لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي وكان على خلاف مع محمد عبده، ونشر في جريدة المؤيد عدة مقالات تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف ووزارة الحقانية وأمانة سر الجمعية التشريعية، وأخيراً في أمانة سر المجلس النيابي.
أهم كتبه و رواياته:
للمنفلوطى أعمال أدبية كثيرة اختلف فيها الرأى وتدابر حولها القول وقد بدأت أعمال المنفلوطى تتبدى للناس من خلال ماكان ينشره في بعض المجلات الإقليمية كمجلة الفلاح والهلال والجامعة والعمدة وغيرها ثم انتقل إلى أكبر الصحف وهى المؤيد وكتب مقالات بعنوان نظرات جمعت في كتاب تحت نفس الاسم على ثلاثة أجزاء .
ومن أهم كتبه ورواياته:
1) النظرات ( ثلاث جزاء). يضم مجموعة من مقالات في الأدب الاجتماعي، والنقد ، والسياسة ، والإسلاميات، وأيضا مجموعة من القصص القصيرةالموضوعة أو المنقولة، جميعها كانت قد نشرت في جرائد، و قد بدأ كتباتبها منذ العام 1907.
2)العبرات . يضم تسع قصص ، ثلاثة وضعها المنفلوطي وهي : اليتيم ، الحجاب ، الهاوية. وواحدة مقتبسة من قصة أمريكية اسمها صراخ القبور ، وجعلها بعنوان: العقاب. وخمس قصص ترجمها المنفلوطي وهي : الشهداء، الذكرى، الجزاء، الضحية، الإنتقام. وقد طبع في عام 1916.
3)رواية" في سبيل التاج" ترجمها المنفلوطي من الفرنسية وتصرف بها . وهي أساسا مأساة شعرية تمثيلية ،
كتبها فرانسو كوبيه أحد أدباء القرن التاسع عشر في فرنسا. وأهداها المنفلوطي لسعد زغلول في العام 1920.
4) رواية " بول وفرجيني"صاغها المنفلوطي بعد ترجمتها له من الفرنسية وجعلها بعنوان" الفضيلة"
وهي في الأصل للكاتب برناردين دي سان بيار ( من أدباء القرن التاسع عشر في فرنسا) وكتبت في العام 1788م.
5) رواية " الشاعر" هي في الأصل بعنوان "سيرانو دي برجراك" للكاتب الفرنسي أدمون روستان .
وقد نشرت بالعربية في العام 1921.
6) رواية " تحت ظلال الزيزفون" صاغها المنفلوطي بعد ان ترجمها ( كانت بالفرنسية)
وجعلها بعنوان " مجدولين"وهي للكاتب الفرنسي الفونس كار.
7) كتاب " محاضرات المنفلوطي" وهي مجموعة من منظوم ومنثور العرب في حاضرها وماضيها. جمعها بنفسه لطلاب المدارس وقد طبع من المختارات جزءواحد فقط.
.وتتميز كتابته بصدق العاطفة في آرائه واندفاعه الشديد من أجل المجتمع، استطاع أن ينقذ أسلوبه النثري من الزين اللفظية والزخارف البديعية، ولكن عيب عليه ترادفه وتنميقه الكثير، واعتناؤه بالأسلوب المصنوع دون المعنى العميق.
أطواره:
كان يميل في نظرياته إلى التشاؤم، فلا يرى في الحياة إلا صفحاتها السوداء، فما الحياة بنظره إلا دموع وشقاء، وكتب قطعة (الأربعون) حين بلغ الأربعين من عامه، وقد تشائم فيها من هذا الموقف، وكأنه ينظر بعين الغيب إلى أجله القريب. وهذاالتشاؤم كان بسبب واقع الأمة العربية ،فلاحظ كتابته وتأمل فيها جيدا.
مرضه:
أصيب بشلل بسيط قبل وفاته بشهرين، فثقل لسانه منه عدة أيام، فأخفى نبأه عن أصدقائه، ولم يجاهر بألمه، ولم يدع طبيباً لعيادته، لأنه كان لا يثق بالأطباء، ورأيه فيهم أنهم جميعاً لا يصيبون نوع المرض، ولا يتقنون وصف الدواء، ولعل ذلك كان السبب في عدم إسعاف التسمم البولي الذي أصيب به قبل استفحاله. فقد كان قبل إصابته بثلاثة ايام في صحة تامة لا يشكو مرضاً ولا يتململ من ألم.
وفي ليلة الجمعة السابقة لوفاته، كان يأنس في منزله إلى إخوانه ويسامرهم ويسامروه، وكان يفد إليه بعض أخصائه وأصدقائه من الأدباء والموسيقيين والسياسيين، حتى إذا قضى سهرته معهم انصرفوا إلى بيوتهم ومخادعهم، وانصرف هو إلى مكتبه فيبدأ عمله الأدبي في نحو الساعة الواحدة بعد نصف الليل.
وفي نحو الساعة الثانية عشرة من تلك الليلة انصرف أصدقاؤه كعادتهم وانصرف هو إلى مكتبه، ولكنه ما كاد يمكث طويلاً حتى أحس بتعب أعصابه وشعر بضيق في تنفسه، فأوى إلى فراشه ونام، ولكن ضيق التنفس أرقه. كتب عليه أن يختم بالتأوه والأنين، كما عاش متأوهاً من مآسي الحياة ساجعاً بالأنين والزفرات، وأدار وجهه إلى الحائط وكان صبح عيد الأضحى قد أشرقت شمسه ودبت اليقظة في الأحياء، فدب الموت في جسمه في سكون وارتفعت روحه مطمئنة إلى السماء بعدما عانت آلامها على الأرض في سنة 1924 م وتوفي المنفلوطي في الثاني عشر من حزيران (يونيه) يوم الخميس وهو اليوم الذي أصيب فيه زعيم الشعب سعد زغلول( في أول محاولة إغتيال) فلم يحفل به كثير من الناس لهول حادثة إصابة سعد زغلول وقد أشار الى ذلك أحمدشوفي : اخترت يوم الهول يوم وداع...ونعاك في عصف الرياح الناعي هتف النعاة ضحى فأوصد دونهم...جرح الرئيس منافذ الأسماع من مات في فزع القيامة لم يجد...قدما تشيع أو حفاوة ساع ما ضر لو صبرت ركابك ساعة...كيف الوقوف إذا اهاب الداعي؟؟
إلا أن محبيه بعدما إطمأنو على سعد زغلول توجهوا له بعد وفاته وذكروا مآثره التي تركها بين الناس.
_________________________________________
وهذا هو رابط التحميل
ضع ردا ليظهر الرابط