مبدأ الاستخلاف في المال في التصور الإسلامي
مفهوم الاستخلاف في المال في التصور الإسلامي
مهمة الإنسان الوجودية
الإنسان خليفة عن الله تعالى لتنفيذ مراده في الأرض و إجراء أحكامه فيها. هيأه الله تعالى لدوره الاستخلافي و أوكل إليه أمانة تعمير الأرض بالعبادة و عمارتها بالخير، حتى يبلغ درجة الكمال الإنساني بالعمل الدائب و الكدح المستديم استعدادا للقاء ربه.
مبدأ الاستخلاف في المال
• يتأسس على حقيقتين اثنتين:
- المال مال الله:"...وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ..."النور 33 .
- الانسان مستخلف في المال:" آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ " الحديد 7.
• يرسي قواعد أساسية:
- يعطي مفهوما متميزا للملكية و الحيازة (التملك): يرفع يد الإنسان و يجرده من التملك الحقيقي ، و يعتبره وكيلا و مستخلفا، و يعتبر المال الذي في حوزته في حكم الوديعة و العارية.
- يؤكد مفهوم التصرف المقيد: ما دام الإنسان وكيلا في مال الله، ليس له مطلق الحرية لما في حوزته.و مدعو للخضوع لشرع الله في كل تصرفاته المالية ، كسبا و إنفاقا...
أهمية المال و قيمته في الحياة الإنسانية
يركز الخطاب الشرعي على حقيقتين متكاملتين تؤسسان للرؤية الإسلامية للمال:
• المال قوام الحياة الإنسانية: به تنتظم شؤون الحياة:" وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً ..." سورة:النساء.آية: 5.
لذلك شرع الإسلام منظومة من الأحكام الضابطة لوجوه الكسب و الاستثمار و التدبير و الاستهلاك...
• المال شهوة و فتنة: و لا بد من تعبئة روحية لتهذيب غريزة التملك...
يقول الله تعالى:" زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }سورة :آل عمران.آية 14
و يقول سبحانه: "وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ " سورة: الأنفال . آية: 28.
آثار مبدأ الاستخلاف في ترشيد تعامل المجتمع مع المال
مبدأ الاستخلاف في المال يرشد التصرف و تعامل المجتمع في المال.
و هو يمثل حلا للمشكلة الاجتماعية ، من خلال التوفيق بين الدوافع الذاتية و المصالح الاجتماعية. حيث تكون الملكية الفردية في خدمة المجتمع.
و يكون التكافل الاجتماعي واجبا شرعيا كفائيا على كل من الفرد و الجماعة، يختفي معه التفاوت الطبقي و يحل الاستقرار و السلام الاجتماعيان.
كيف يهذب الإسلام غريزة التملك؟
- ربط دوافع السلوك البشري بعلة غائية سامية متمثلة في الله تعالى و الحياة الأخرى ... و بمنظومة تشريعية متكاملة تضمن إمكانية تحقيق التوازن في شخصية الفرد في تعامله مع المال...
- تنبيه الإنسان إلى ضرورة الكدح و مواجهة الافتتان بالمال و نزعات التملك و التسلط...
هذا المنهج كما يحرر من سطوة المال ،فإنه يؤسس لمفهوم جديد للامتلاك يقوم على الزهد بمعناه الإيجابي و يقود الإنسان إلى الإحساس بأنه يملك جميع الطيبات في هذه الدنيا ، ما دام يملك كفايته....(حديث: مطرّف عن أبيه:" أتيت النبي و هو يقرأ ألهاكم التكاثر....")