السياق التاريخي لظهور نظام القطبية الثنائية في السياسة العالمية :
شكلت نهاية الحرب العالمية الثانية بنتائجها السياسية إطارا جديدا لدخول العلاقات الدولية منعطفا جديدا من تطورها، ففي ظل إفراز الحرب الاتحاد السوفياتي و الولايات المتحدة كقوتين عظميين متعارضتين، وفي ظل ظهور الأمم المتحدة كهيئة دولية لحفظ السلام العالمي، و في ظل هذه المستجدات كانت السياسة الدولية تتجه إلى الانقسام إلى معسكرين- اشتراكي و رأسمالي -
ترجع أسباب انقسام العالم إلى معسكرين، إلى توسع مجال النفوذ الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي و معارضة الولايات المتحدة له، لذلك أعلنت دعمها للبلدان الحرة و في هذا الإطار اندرج مشروع "مارشال ".
مظاهر نظام القطبية الثنائية :
الحرب الباردة الأولى (1945- 1953)
و تطلق على التوتر الحاد الذي طبع العلاقات بين المعسكرين منذ نهاية ح.ع.2 إلى مطلع 50 th من القرن 20 :
القطيعة السياسية التي دل عليها قرار"ترومان" بالتصدي للمد الاشتراكي و رد الاتحاد السوفياتي بإنشاء "الكومنفورم "
القطيعة الاقتصادية: مشروع "مارشال" ضد منظمة "الكومنفورم"مجلس التعاون الاقتصادي بين بلدان أروبا الشرقية و الاتحاد السوفياتي
تشكيل الأحلاف العسكرية: إنشاء حلف "وارسو" 1955 كرد فعل على إنشاء "الناتو "
التسابق نحو التسلح و امتلاك كل منهما أسلحة الدمار الشامل .
اندلاع أزمات على شكل حروب غير مباشرة كانت تواجهها كل من الاتحاد السوفياتي و الولايات المتحدة في إطار سباقهما على مناطق النفوذ و منها : أزمة "برلين الأولى" التي تجلت في تقسيم ألمانيا إلى غربية رأسمالية 1945 و شرقية اشتراكية 1948، وأزمة كوريا التي انتهت بتقسيم شبه الجزيرة إلى دولتين .
التعايش السلمي (1953- 1975)
و يعتبر المظهر الثاني في نظام القطبية الثنائية و يعني دخول المعسكرين مرحلة التعايش بينهما، و مهدت لذلك ظروف جديدة منها إنهاء الأزمة الكورية بشكل سلمي و اقتناع القادة الجدد للعظميين"إيزنهاور و خروتشوف" بإمكانية التعايش، و تمظهر تعايشهما من خلال عودتهما إلى تبادل الزيارات أدى إلى إنهاء القطيعة السياسية و عقد اتفاقيات للنزع الجزئي للأسلحة "اتفاقية سالت" غير أن تعايشهما كان محدودا مادامت مواجهاتهما استمرت في مجموعة من الأزمات(برلين الثانية، كوبا و الفيتنام ).
الحرب الباردة الثانية(1975- 1990)
شكلت المظهر الثاني لنظام القطبية الثنائية و تميزت بعودة التوتر إلى العلاقات بين المعسكرين و الذي تجلت في عودتهما إلى الصراع حول مناطق النفوذ من خلال دعمهما للحركات الثورية في العالم الثالث، و عودتهما إلى التسابق نحو التسلح و خاصة التسلح الفضائي .