مقدمـة:
تحولت روسيا بعد سنة 1991 من قوة اقتصادية فاعلة إلى مجرد هامش مندمج في المجال العالمي.
- فما هي الخصوصيات الطبيعية والبشرية والصناعية لروسيا؟
- وما هي أهم التحولات التي عرفتها؟
- وما المشاكل التي تعاني منها؟
І – تتعدد الخصوصيات الطبيعية والبشرية والصناعية لروسيا:
1 ـ الخصوصيات الطبيعية:
يغلب على تضاريس روسيا طابع الانبساط، ويشكل نهر إينيسي فاصلا بين أهم السهول الممتدة غربا (سهول سيبيريا الغربية)
والتي تتخللها مستنقعات وتغطيها تربة التشيرنوزيوم الخصبة، وبين الهضاب
الممتدة شرق النهر والتي هي عبارة عن صخور قديمة، أما الجبال فتتكون من كتل
قديمة تمثلها سلسلة جبال الأورال ومن جبال حديثة مرتفعة بالشرق والجنوب
تتخللها البراكين.
تقع معظم أراضي روسيا بأقصى شمال الكرة الأرضية، مما يجعلها منفتحة على
المؤثرات القطبية الباردة والجافة، حيث تقل درجة الحرارة عن الصفر ببعض
المناطق أكثر من ثمانية أشهر في السنة، ومما يزيد من قساوة المناخ ضعف
المؤثرات البحرية وامتداد الحزام الجبلي بالشرق والجنوب الذي يمنع دخول
المؤثرات المدارية.
2 ـ الخصوصيات البشرية:
يبلغ عدد سكان روسيا حوالي 144.5 مليون نسمة، وقد عرفت نسبة التكاثر الطبيعي تراجعا ملحوظا بسبب صعوبة الحياة اليومية وتزايد نسبة الفقراء.
تبلغ الكثافة العامة للسكان 8.6 نسمة في الكلمتر المربع، إلا أنها تختلف من منطقة لأخرى حسب الظروف الطبيعية والتاريخية والاقتصادية، إلا أن حوالي 80 % من السكان يتجمعون بالغرب (القسم الأوربي) والجنوب الغربي (58 % من مساحة البلاد)، وأهم المدن موسكو، سان بترسبورغ.
3 ـ الخصوصيات الصناعية:
تتركزأكبر المناطق الصناعية بالقسم الأوربي غربا، وتضم مراكز للصناعة الثقيلة
وصناعة السيارات بالإضافة إلى مركبات كبرى للنسيج ومعالجة الخشب والورق
بجانب مراكز للبحث ومختبرات للتكنولوجيا العالية (صناعة الفضاء والطاقة النووية). كما تنتشر مناطق صناعية أخرى بالجنوب خاصة قرب مناطق استخراج الحديد ومراكز توليد الطاقة.
ІІ – تشهد روسيا مجموعة من التحولات تمس مختلف المستويات:
1 ـ التحولات على المستوى التنظيمي والمجالي:
- مرت التحولات التنظيمية بروسيا بثلاث مراحل أساسية:
° مرحلة النظام الاشتراكي (1917- 1985): بنجاح
الثورة الروسية اندمجت روسيا في إطار إتحاد سوفياتي فيدرالي اشتراكي، تميز
بهيمنة الحزب الوحيد والاقتصاد الموجه مع تأميم وسائل الإنتاج وإعطاء
الأولوية للصناعات الأساسية.
° مرحلة نظام البريسترويكا (1985- 1991): تميزت
بظهور رابطة الدول المستقلة وبداية دمقرطة الحياة السياسية وفتح المجال
للقطاع الخاص مع إنشاء التعاونيات الاقتصادية وإتباع سياسة الشفافية.
° مرحلة نظام السوق: مع بداية سنة 1991 تعرض
الاتحاد السوفياتي للتفكك وظهرت دولة روسيا الاتحادية، حيث عملت الدولة
على نهج سياسة الخوصصة بتحرير الأسعار والأجور والسماح بحرية إنشاء
المقاولات في إطار المبادرة الحرة وإلغاء مساعدات الدولة للمقاولات.
- عرفت روسيا تحولات مجالية مهمة، فبعد أكثر من 70 سنة من الاندماج في إطار الاتحاد السوفياتي، ظهرت سنة 1989 رابطة الدول المستقلة التي ضمت 12 بلدا مستقلا
حلت محل النظام الفيدرالي للاتحاد وشكلت روسيا محور هذه الرابطة، كما شكلت
أستونيا وليتونيا وليتوانيا مجموعة دول البلطيق التي انضمت للاتحاد
الأوربي سنة 2004.
أدت مجموعة من العوامل الداخلية والعالمية إلى تفكك رابطة الدول المستقلة سنة 1991 وظهور روسيا كدولة مستقلة تميزت بكونها أكبر وأوسع بكثير من باقي الدول المستقلة الأخرى.
2 ـ التحولات على المستوى الاقتصادي والديمغرافي:
شكل الاتحاد السوفياتي نموذجا للاقتصاد الاشتراكي المبني على التوجيه
والتخطيط المركزي والتنظيم التعاوني إلا أن تفكك النظام الفيدرالي سنة 1991 نتجت عنه تحولات اقتصادية كبرى بعد الاتجاه نحو اقتصاد السوق والمبادرة الحرة.
عرف الإنتاج الصناعي تراجعا ملحوظا مما أثر على مؤشر الناتج الوطني الخام، كما
تراجعت مناصب الشغل في المؤسسات العمومية وشبه العمومية في حين خُلقت
مناصب شغل جديدة في القطاع الخاص الذي تطور على حساب القطاع العام بعد دخول
رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار بالبلاد.
- تعرف نسبة التكاثر الطبيعي بروسيا تناقصا مستمرا منذ سنة 1992 بسبب
تراجع مؤشر الخصوبة إلى أقل نسبة بأوربا، كما عرف أمل الحياة انخفاضا
كبيرا بسبب ارتفاع معدل الوفيات الناتج عن تقهقر النظام الصحي وانتشار
الأمراض والإدمان عن الكحول والحرب في الشيشان وكل هذا أدى إلى تراجع نسبة
الفئات النشيطة.
ІІІ – تواجه روسيا مجموعة من المشاكل:
1 ـ المشاكل الاجتماعية:
بفعل التحولات العميقة التي يعرفها الاقتصاد الروسي بفعل الانتقال من نظام
اشتراكي توجهه الدولة إلى نظام ليبرالي يعتمد اقتصاد السوق وتحرير الأجور
والأسعار، أصبح المجتمع الروسي يعيش مجموعة من المشاكل كانتشار البطالة
وتراجع التغطية الصحية وتفاوت مستوى الدخل الفردي ما بين المناطق الشرقية
والشمالية التي ترتفع بها الأجور بسبب ظروف العمل الصعبة بمناجم استخراج
البترول، وبين المناطق الجنوبية الغربية التي تنخفض بها الأجور لانتشار
المدن الكبرى حيث ترتفع الكثافة السكانية وتتوفر اليد العاملة الرخيصة.
2 ـ المشاكل البيئية:
بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي أصبحت تعيشها روسيا، فإن البلاد
أصبحت تعرف مشاكل بيئية حقيقية بسبب سرعة حركة التصنيع وغياب مراقبة فعلية
للجهات المسئولة، وعدم وجود استراتيجية واضحة للتنمية المستدامة. ومن هذه
المشاكل: تراجع الغطاء الغابوي، تدهور الأرض والتربة الزراعية، تلوث الهواء
ومخلفات الصناعات الكيماوية و انتشار مراكز تكرير البترول خاصة بالمناطق
الصناعية الكبرى.
خاتمـة:
رغم المشاكل التي تواجهها روسيا بفعل التحولات الكبرى التي تعيشها، فإنها تحاول مواجهة هذه التحديات.