عش معي الموقف
سأضعك أخي الطالب في 3 مواقف مختلفة، ركز معي جيدا:
الموقف الاول
أنا جالس في مقهى. دخل شاب
مسرعا نحو طاولة. طلب فنجان قهوة. يداه ترتجفان. فتاة في الركن تشعل
سيجارة. يشرب الفنجان كاملا في جرعة واحدة. يضع 5 دراهم على الطاولة.
ينصرف.
الموقف الثاني
أنا جالس في مقهى. دخل شاب
مسرعا نحو طاولة. يحتار بين شرب فنجان قهوة أو شاي. يتأمل مليا الركن. يرمق
الفتاة. أراد أن يكلمها لكن الكلمات غائبة. يشرب الفنجان و الذكريات.
ينصرف.
الموقف الثالث
دخل
شاب مسرعا نحو طاولة. يطلب قهوة دون كثير تفكير. له مع القهوة ماض كبير.
مع الرشفة الاولى يتذكر السي عبد السلام و أولاد الحارة. و مع الرشفة
الاخيرة يرمق فتاة في الركن. يفكر في الاقتراب منها. تتابع هي بعين خفية حركاته. تتمنى أن يتقدم إليها. لم يعد لها ما تخسره بعد وفاة الزوج.
ستنتحر بعد
ساعات. حرك الشاب رجليه. يفكر النادل في التدخل. هو يعرف سكنات الزبناء.
يرتمي على المذياع و يشعل القرآن الكريم. صوت باكي.
يضع الشاب 5 دراهم على الطاولة. ينصرف.
في المواقف حدث واحد... لكن هناك 3 رؤى مختلفة.
في الموقف الاول: يحكي القاص le narrateur ما يراه فقط. يصف التصرفات الخارجية، دون تأويل أو قراءة في النوايا.
بؤرة الرؤيا هنا خارجة عن الشيء. بؤرة هي La focalisation. يلعب القاص دور كاميرا تنقل للقارئ جو المقهى.
نتكلم هنا عن la focalisation externe أو point de vue externe
في الموقف الثاني:
يحكي القاص ما يراه. لكنه في نفس الوقت يرى من خلال عين شخصية الشاب. فكيف
يمكن أن نعرف أن الشاب آحتار بين القهوة و الشاي إن لم تكن بؤرة الرؤيا
داخل الشخصية نفسها.
عندما يقول القاص: إنه يتأمل
الركن. كيف آستطاع القاص أن يجزم بأن الشاب يتأمل؟ بالطبع، لان القاص فضل
إعطاءنا ما يراه و ما يفكر فيه الشاب و ذلك بجعل بؤرة الرؤيا داخلية.
نتكلم هنا عن la focalisation interne أو point de vue interne
في الموقف الثالث: لا
يحتاج القاص إلى بؤرة رؤيا يرى من خلالها. فهو يعرف مسبقا ماضي الشاب و
حاضره. يعرف نواياه. و في نفس الوقت، يعرف ماض الفتاة، بل حتى مستقبلها
(الانتحار). يعرف أفكار النادل و مشاريعه. القاص هنا و هناك، اللحظة و
مستقبلا و في الماضي. إنه محيط بالقصة. محيط بالفرنسية هي omniscient.
نتكلم هنا عن point de vue omniscient. أو focalisation zéro لان القاص لا يستعمل أية بؤرة رؤيا.