إشكالية الغير في أغنية ماجدة الرومي "كن صديقي" أو قصة الصداقة المستحيلة بين الرجل والمرأة !!
ماذا ؟!!شريط غنائي في حصة الفلسفة؟!ذللك بلا شك هو السؤال المكتوم الذي يتبادر إلى ذهن التلاميذ كل سنة وأنا
أخبرهم بتخصيص
الحصة
المقبلة للإستماع إلى شريط غنائي.ولاشك أن هذا السؤال ينطلق بدافع الفكرة
الشائعة عن جدية التفكير الفلسفي من حيث جدية بل"تجهم " المفهوم وصرامة
الحجاج: فحصة الفلسفة فضاء للفهم والتذكر والإستدلال والحجاج، وليس للتذوق
الجمالي، فمابالك بالإستمتاع والطرب، مادة تخاطب العقل والمنطق لا الوجدان
أو الحساسية!!ء.ء
.
والتلاميذ إزاء هذا الإقتراح فئتان: فئة متحمسةاعتقادا منها أنها فرصة ناذرة
ل "النشاط" والخروج من روتينية الحصص؛ وفئة ثانية متشككة تكاد تكتم
ريبها وشكها في العلاقة الممكنة أو الإستفاذة المحتملة من الغناء والطرب في
الفلسفة !!
ملاحظات ديداكتيكية أولية:للحصة هدف رئيسي وهدفان جانبيان: فأما الهدف الأساسي فيتمثل في دفع
التلميذ إلى التفكير إشكاليا في علاقة الذات بالغير: ضرورتها، رهاناتها،
دلالاتها وصعوباتها ، الأمال المعقودة عليها وخيبات الأمل الناجمة عنها؛
وكل ذلك إنطلاقا من وضعية مشكلة حقيقية تستوقفه وتسائله بشكل حميمي
وشخصي....
أما الهدفان الجانبيان فأولهما: التربية الجمالية، ونقصد بها تربية الذوق
الفني والتدرب على الإصغاء ومحاولة التقاط عناصر الجمال في العمل
الغنائي ( كلمات، لحنا وأداءا... )؛ وثانيهما تربية وجدانية، تتمثل في
مساعدة التلميذ/ المراهق على التفكير في تجربته
الشخصية وفي طبيعة علاقاته وإندفاعاته وانجذابه نحو الجنس الآخر على
الخصوص ونحو الغير بصفة عامة.
ملاحظة أخيرة تتمثل في اننا وإن كنا على المستوى المعرفي نستعمل هذا
الحامل
السمعي البصري لإثارة بعض إشكاليات الغير، إلا أننا نلتقي عرضا بإشكالات
تنتمي إلى دروس أو موضوعات أخرى،
القصيدةكما تغنيها ماجدة الرومي الدلالات المستخلصة والأسئلة المثارة
| مقاطع القصيدة/الأغنية
| ملاحظات وامتدادات ممكنة
|
لماذا هذه الرغبة البسيطة الغريبة؟ المشي ساعات تحت المطر؟ ألا ينبئ ذلك عن رغبة أو لذة طفلية تم كبتها استجابة لمبذأ الواقع والمعايير الإجتماعية للسلوك والنظافة؟ وعليه فاستحضار الطفولة يوازيه استحضار تلك البراءة المميزة للعلاقات بين الجنسين قبل بلوغهم المرحلة التناسلية..
| هواياتي صغيرة و اهتماماتي صغيرة
وطموحي ان أمشي ساعات معك
تحت المطر... | قراءة فرويدية للرغبة
|
جانب من العالم النفسي الداخلي للذات. هل يمكن ياترى للغير أن " يدرك" الحزن الساكن في أعماق الذات أو هذا البكاء الذي يحدثه الوتر؟ الوتر غير مبك في حد ذاته، المبكي هو تداعي المشاعر الذي يثيره...
| عندما يسكنني الحزن و يبكيني الوتر. | مقدمات لإثارة إمكانية معرفة الغير لاحقا
|
إذا قرأنا الصداقة على أنها ميناء السلام المنشود،
فهل يجعل ذلك من أنواع العلاقات الأخرى وخصوصا العشق محيطات للحرب؟!
| أنا محتاجة جدا لميناء سلام
و أنا متعبة...
من كل قصص العشق و أخبار الغرام | يعرف كانط الصداقة على انها عاطفة تجمع بين المودة والإحترام، قارن ذلك مع مايميز العشق من نزوع إلى الإستئثار والتملك والإستحواد على الموضوع، نقول: ملك أو أسر قلبه...!
|
بناءا على السؤال اللاحق، يمكن القول أن الرجل يستحضر نصف الكلام المتعلق بجسدها، وينسى نصف الكلام المتعلق بعقلها أو لنقل علمها الداخلي بأحزانه وهواياته الصغيرة...
| لماذا تنسى حين تلقاني نصف الكلام | هل ينسى أم يتناسى؟ قارن مع السؤال اللاحق
|
هنا نعثر على بؤرة القصيدة، وعلى جوهر إشكالية الغير: إدراكه للذات كجسم ، كامتداد يفرض نفسه على الحواس. و " عجزه" عن إدراك العالم الداخلي للغير الممتنع الإدراك نظرا لطبيعته الداخلية الحميمية نفسها.
| ولماذا تهتم بشكلي و لا تدرك عقلي | بالعودة إلى درس الشخصية، لابد ان نتساءل: هل الرجل لايريد أم أنه لايستطيع، هل يتعلق الأمر بإصرار مسبق على " تشييئ " المرأة أم بوقوعه ضحية إشراطات سيكو-فيزيولوجية ( دوافع الليبيدو والغرائز عموما )، وإشراطات سوسيو-ثقافية ( التنشئة الإجتماعية، القيم الذكورية ومفهوم الرجولة والفحولة). قارن مع المقطع التالي.
|
نعثر هنا على جواب الشاعرة على السؤال السابق: إن قيم المجتمع الشرقي ومفهومه للرجولة، تصور الصداقة على أنها دور ثانوي ينتتقص من الرجولة وأبعد مايكون عن البطولة التي لاتتحقق إلا من خلال دور المحبوب والمعشوق ( روميو )!
| كن صديقي...
ليس في الأمر انتقاص للرجولة
غير ان الشرقي لا يرضى بدور
غير أدوار البطولة | دور الشخص في بناء شخصيته، وتأثير الإشراطات والحتميات السوسيو ثقافية.
|