" ذات يوم أحضر لي أحدهم أرانب اقتناها
من السوق ، و حين وضعتها علـى منضـدة المختبـر لاحظت بالصدفة أن إفرازاتها البولية
صافية و حمضية ، و استرعاني ما لاحظته لأن الإفرازات البولـية للأرانب تكــون عادة
مكدرة اللون باعتبار أنها حيوانات عاشبة عكس الحيوانات اللاحمة التي تكـون
إفرازاتها، كما هو معلوم ، صافية و حمضية .و قد قادتني ملاحظتي إلى تصور أن هـذه
الأرانـب قـد أخضعت لنظام غذائي يناسب الحيوانات اللاحمة ، فافترضت أن من الأرجح
أنها لم تذق الطعام منذ مـدة طويلة و أنها تحولت بفعل الإمساك عن الطعام إلى
حيوانات لاحمة تقتات من دمها لكي تعيش . و لم أجد أمرا أيسـر مـن التحقـق بواسطـة
التجريب من هذه الفرضية ، فقدمت طعاما من العشب للأرانب ، و بعد بضع ساعات لاحظت أن
إفرازاتها البولية أخذت تتكدر و أصبحت غير حمضية . ثم أخضعت نفـس الأرانب للإمساك
عن الطعام ، و بعـد مرور وقـت معين تحولت إفرازات الأرانب ، مرة اخـرى ، إلى الصفاء
و الحموضة الشديدة ، ثم تحول لونها من جديد إلى لون مضطرب كما أصبحت غيـر حمضـية
حين قدمت لها عشبا .و كررت هذه التجربة البسيطـة مـرات عديـدة ، فكنت أحصل دوما على
نفـس النتيجة ، و كررتها أيضا على الخيول ، و هـي كذلك حيوانـات عاشبـة و كانت
النتيجة هي نفسها .
و هكذا خلصت إلى هذه القضية العامة التي لم تكن معروفة حينها
، و مـؤداها أن كـل الحيـوانات تتغذى من لحمها عند إمساكها عن الطعام "