مقدمة : خلال القرن 19م ، تعرض المغرب لضغوط استعمارية فقام بمحاولات الإصلاح .
فما هي أنواع الضغوط الاستعمارية على المغرب ؟ و ما هي الميادين التي همتها الإصلاحات بالمغرب ، و عوامل فشل هذه الأخيرة ؟
أشكال الضغوط الاستعمارية على المغرب خلال القرن 19 م :
فرضت فرنسا ضغوطا عسكرية و اقتصادية و دبلوماسية على المغرب :
في ا لمجال العسكري : انهزم الجيش المغربي سنة 1844 أمام الجيش الفرنسي في
معركة إيسلي التي تلخصت أسبابها في رغبة فرنسا التوسع انطلاقا من الجزائر
على حساب المغرب ، و مساندة هذا الأخير للمقاومة المسلحة الجزائرية . أما
نتائج هذه المعركة فتمثلت في عقد معاهدة للامغنية سنة 1845 التي تركت
الحدود المغربية الجزائرية غامضة جنوب مركز ثنية الساسي ( ناحية فكيك ) . و
استغلت فرنسا هذا الغموض لتحتل في أواخر القرن 19 أجزاء من الصحراء
المغربية الشرقية.
* في المجال الاقتصادي : حصلت فرنسا على امتيازات تجارية بمقتضى الاتفاقية الفرنسية المغربية لسنة 1863.
* في المجال الدبلوماسي : بسطت فرنسا الحماية القنصلية على عملائها من المغاربة ( المحميون )
ركزت بريطانيا على الامتيازات الاقتصادية و الدبلوماسية :
الاحتراز ( العزلة ) ، و بالتالي تم سنة 1856 التوقيع على الاتفاقية
التجارية المغربية الانجليزية التي منحت للإنجليز عدة امتيازات من بينها حق
الاستقرار بالمغرب و مزاولة التجارة و امتلاك العقارات ، و التزام المغرب
بإلغاء القيود الجمركية المفروضة على الصادرات
و الواردات المعروفة باسم الكونطرادات .
بموجب نفس الاتفاقية منحت بريطانيا الحماية القنصلية لوسطائها التجاريين المغارب
الحرب على المغرب .و انتهت هذه الحرب بانهزام الجيش المغربي و احتلال تطوان
سنة 1860.
عقدت في نفس السنة معاهدة الصلح بين الطرفين التي تضمنت شروطا قاسية منها
توسيع حدود سبتة ، و تنازل المغرب لاسبانيا عن مركز ساحلي في الجنوب ، و
أداؤه غرامة مالية باهظة استنزفت خزينة الدولة و فرضت على المغرب اقتسام
مداخيله من الرسوم الجمركية مع إسبانيا .
* في سنة 1861 وقع المغرب معاهدة مع إسبانيا أتاحت لهذه الأخيرة فرض الحماية القنصلية كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا و بريطانيا
أكد مؤتمر مدريد الحماية القنصلية و الامتيازات الأجنبية بالمغرب :
* انعقد مؤتمر مدريد سنة 1880 بحضور ممثلي الدول الأوربية و الولايات المتحدة الأمريكية
و المغرب . و قد خرج هذا المؤتمر بقرارات من أهمها تأكيد الحماية القنصلية
، و منح المحميين امتيازات منها عدم الخضوع للقانون المغربي و بالتالي عدم
أداء الضرائب الرسوم الجمركية و الغرامات و الخدمة العسكرية . و كرس هذا
المؤتمر الامتيازات التي حصل عليها الأوربيون في الاتفاقيات السابقة .
خلفت الضغوط الاستعمارية عدة نتائج منها :
* تزايد عدد المحميين، و المس بسيادة المغرب، و انخفاض مدا خيل الدولة المغربية و تراكم ديونها.
* تغلغل رأس المال الأوروبي، و إفلاس التجار و الحرفيين المغاربة .
تمت جل الإصلاحات في عهد السلطانين محمد بن عبد الرحمان ( 1859- 1873 ) و
الحسن الأول ( 1873 – 1894 ) ، و يمكن تحديدها على الشكل الآتي :
الدولة المغربية بعثات طلابية إلى أوربا لمتابعة التكوين العسكري ، و
استقدمت أطرا أوربية لتدريب الجيش المغربي ، و عملت على شراء الأسلحة
الحديثة و تشييد مصنعين للأسلحة ( فاس و مراكش )، و إنشاء الأسطول الحربي
لحماية السواحل .
الدولة المغربية تداول العملات الفرنسية و الاسبانية داخل البلد ، و رفعت
من قيمة العملة الوطنية و حاربت تزويرها أو تهريبها . كما أنشأت دار السكة ،
و عملت على ضبط صرف العملات .
عوامل داخلية : من أبرزها تزايد عدد المحميين ، و معارضة زعماء القبائل و
الزوايا و الفقهاء لهذه الإصلاحات التي تضر بمصالحهم وبالتالي قيام بعض
الثورات . بالإضافة حدوث بعض الكوارث الطبيعية