نضال المغرب من أجل تحقيق الإستقلال و استكمال الوحدة الترابية
مقدمة:
بتوقف المقاومة المسلحة ، دخل المغرب مرحلة النضال السياسي التي توجت
بثورة الملك و الشعب والتي آلت إلى استقلال المغرب سنة 1956 . و بعد ذلك تم
استكمال الوحدة الترابية .
- ما هي أهم حركات المقاومة المسلحة بالبوادي المغربية ؟ وما هي أسباب توقفها ؟
- ما هي تطورات مرحلة المقاومة السياسية ؟
- ما دور ثورة الملك و الشعب في تحقيق الاستقلال ؟
- ما هي مراحل و أساليب استكمال الوحدة الترابية؟
المقاومة المسلحة المغربية وعوامل توقفها :
قامت حركات المقاومة المسلحة في البوادي المغربية :
* قادأحمد الهيبة المقاومة المسلحة في الجنوب و الصحراء: حيث اتخذ تزنيت مقرا لحركته ، و نظم حملة عسكرية دخل بها مراكش .
و
منها حاول التوجه إلى الدار البيضاء لتحريرها لكنه انهزم في معركة سيدي
بوعثمان أمام الجيش الفرنسي . فتراجع إلى سوس و ظل يقاوم حتى وفاته سنة
1919 ، حيث خلفه مربيه ربه الذي استمر في قيادة المقاومة بالجنوب المغربي
إلى غاية 1934 .
*
تزعم موحا أو حمو الزياني المقاومة المسلحة بالأطلس المتوسط ، فانتصر على
الجيش الفرنسي في معركة الهري سنة 1914 . وظل يقاوم حتى استشهاده سنة 1921 .
*
تولى عسو أوبسلام و زايد أوحماد قيادة المقاومة المسلحة التي شنتها قبائل
الأطلس الكبير و الصغير على القوات الفرنسية ، فتمكنت من هزمها في بعض
المعارك من أهمها معركة بوكافر سنة 1933
* في البداية، عرفت منطقة الريف مناوشات عسكرية بين الإسبان و المقاومين الريفيين بزعامة محمد أمزيان و عبد الكريم الخطابي .
و
بوفاة هذا الأخير تبلورت المقاومة المسلحة الريفية على يد محمد بن عبد
الكريم الخطابي الذي اتبع أسلوب حرب العصابات ( القائم على المباغتة و
الانسحاب السريع) فانتصر على الجيش الإسباني في معركة أنوال سنة 1921 . غير
أن القوات الفرنسية و الإسبانية تحالفت ضده ، فاضطر ابن عبد الكريم إلى
تسليم نفسه . و تم نفيه سنة 1926 إلى جزيرة لاريينيون ( في المحيط الهندي
).
يرجع توقف المقاومة المسلحة المغربية إلىأسباب متعددة منها :
- تباين القوة بين المقاومة المسلحة المغربية و الاحتلال الأجنبي
- تحالف القوات الفرنسية و الإسبانية ضد المقاومة المسلحة المغربية مثل المقاومة الريفية
- استعمال القوات الغازية لأسلحة مدمرة وسامة ، و لجوئها إلى إحراق المحاصيل الزراعية و عزل القبائل المقاومة .
- تواطؤ كبار القواد مع الاستعمار
- انعدام التنسيق بين حركات المقاومة المسلحة المغربية .
تطورات مرحلة المقاومة السياسية :
خلال الثلاثينيات طالبت الحركة الوطنية المغربية بالإصلاحات :
* ارتبطت نشأة الحركة الوطنية بعدة عوامل منها :
- صدور الظهير البربري سنة 1930 الذي استهدف التفرقة العنصرية بين العرب و الأمازيغ
- انعكاسات الاستغلال الاستعماري على المجتمع المغربي بعد الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 1929
- توقف المقاومة المسلحة في البوادي و استكمال الاحتلال العسكري الأجنبي للمغرب .
- ظهور الحركة السلفية بزعامة أبي شعيب الدكالي و محمد بن العربي العلوي .
* في
سنة 1933 أسس علال الفاسي و محمد بلحسن الوزاني و أحمد بلافريج أول حزب
سياسي مغربي و هو كتلة العمل الوطني الذي تقدم إلى السلطات الاستعمارية في
سنة 1934ببرنامج المطالبة بالإصلاحات الذي تضمن النقط الآتية :
- السياسة الإدارية : إلغاء الحكم المباشر ، و تكوين حكومة مغربية ، وإقرار حرية التعبير.
- السياسة الاقتصادية و المالية : وضع حد للاستغلال الاقتصادي ، و المساواة في الضرائب بين المغاربة و الأجانب .
- السياسة الاجتماعية : الاهتمام بالتعليم و الصحة ، و تحسين ظروف العمال المغاربة .
* غير
أن الاستعمار رفض الاستجابة لهذه المطالب ، و قام باعتقال و نفي زعماء
الحركة الوطنية سنة 1937 وهي السنة التي عرفت انقسام كتلة العمل الوطني إلى
حزبين هما الحركة الوطنية لتحقيق المطالب( أو الحزب الوطني) بقيادة علال
الفاسي و الحركة القومية بزعامة محمد بلحسن الوزاني .
منذ سنة 1944 انتقلت الحركة الوطنية المغربية إلى المطالبة بالاستقلال :
* ساهمت عوامل متعددة في الانتقال إلى المطالبة بالاستقلال منها :
- تزايد الاستغلال و القمع الاستعماريين .
-
توسع الحركة الوطنية بظهور أحزاب جديدة في طليعتها حزب الاستقلال ، و حزب
الشورى و الاستقلال ، والحزب الشيوعي . و إصدار هذه الأحزاب للجرائد بهدف
توعية المغاربة .
- قيام العمال المغاربة بالإضرابات و تكتلهم نقابيا ( داخل اتحاد النقابات الموحدة ) .
- احتلال ألمانيا لفرنسا و فقدان هذه الأخيرة لهيبتها الاستعمارية.
- تأييد الحلفاء لمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها من خلال الميثاق الأطلنتي 1941 ، و مؤتمر أنفا 1943
* في
11 يناير 1944 أصدر حزب الاستقلال وثيقة المطالبة بالاستقلال التي نادت
بإلغاء نظام الحماية و طالبت باستقلال المغرب و وحدته الترابية في إطار
الملكية الدستورية.
*
تبنى السلطان محمد الخامس هذه الوثيقة ، فطالب باستقلال المغرب و احترام
سيادته و وحدته الترابية في عدة مناسبات منها رحلته إلى فرنسا سنة 1945 ، و
زيارته لمدينة طنجة سنة 1947 ، وخطاب العرش لسنة 1952 .
استقلال المغرب و استكمال وحدته الترابية : ( الخريطة : ص 109 المنار – ص 105 المورد )
عجلت ثورة الملك والشعب باستقلال المغرب :
* دبر
المقيم العام الفرنسي كيوم بمساعدة عملاء الاستعمار و على رأسهم الكلاوي
مؤامرة عزل السلطان محمد بن يوسف و تعيين مكانه محمد بن عرفة . ففي 20 غشت
1953 نفي السلطان محمد الخامس و الأسرة الملكية إلى جزيرة كورسيكا (في
البحر المتوسط ) و منها إلى جزيرة مدغشقر ( في المحيط الهندي ).
*
بمجرد نفي السلطان ، انطلقت المظاهرات في المدن المغربية ، و رفض المغاربة
الاعتراف بحكم ابن عرفة ، و قاطعوا البضائع الفرنسية . و ظهرت حركة فدائية
مسلحة قادها بعض الزعماء من أشهرهم علال بن عبد الله و محمد الزرقطوني و
أحمد الحنصالي . في نفس الوقت تأسس جيش التحرير الذي تولى مهاجمة المواقع
الاستعمارية في جبال الريف و الأطلس المتوسط و الكبير و المناطق الصحراوية .
*
أمام تصاعد الكفاح المسلح ، اضطرت فرنسا إلى إبرام اتفاقية إيكس ليبان التي
بمقتضاها عاد السلطان محمد الخامس إلى وطنه في نونبر 1955 ، وتشكلت حكومة
مغربية تكلفت بمتابعة التفاوض مع الحكومة الفرنسية و الذي أسفر في 2 مارس
1956 عن توقيع اتفاقية مغربية فرنسية وضعت حدا لنظام الحماية الفرنسية . و
في أبريل من نفس السنة ألغيت الحماية الإسبانية في المنطقة الشمالية . و في
أكتوبر 1956 ألغي الوضع الدولي لمدينة طنجة .
لجأ المغرب إلى أساليب متنوعة لاستكمال وحدته الترابية :
*
أمام تصاعد كفاح جيش التحرير و المقاومة المسلحة لقبائل الجنوب ، اضطرت
إسبانيا إلى عقد اتفاقية سينطرا التي بموجبها انسحبت من طرفاية سنة 1958 .
* اعتمد المغرب على المقاومة المسلحة و التفاوض مع إسبانيا من أجل استرجاع منطقة سيدي إفني سنة 1969 .
*
رفضت إسبانيا فتح المفاوضات في شأن الصحراء المغربية . لهذا طرح المغرب هذه
القضية على أنظار محكمة العدل الدولية التي أكدت وجود روابط البيعة و
الولاء بين سكان الصحراء و العرش المغربي . و على ضوء ذلك ، نظم المغرب في 6
نونبر 1975 المسيرة الخضراء التي أدت إلى عقد اتفاقية مدريد التي أتاحت
للمغرب استرجاع منطقة الساقية الحمراء ، بينما تولت موريتانيا إدارة منطقة
وادي الذهب . غير أنها سرعان ما انسحبت من هذه المنطقة التي قام المغرب
بضمها للوحدة الترابية في غشت 1979 على إثر بيعة سكان وادي الذهب .
خاتمة : استقل المغرب سنة 1956 و استرجع مناطقه المحتلة باستثناء سبتة و مليلية و الجزر الجعفرية ( جزر ملوية ) .
شرح العبارات :[right]*الحكم المباشر : شكل استعماري قام على انفراد الإدارة الأجنبية بالسلطة بعد إقصاء الإدارة الوطنية .
* الميثاق الأطلنتي :اتفاقية ثنائية بين الرئيس الأمريكي روزفيلت و الوزير الأول البريطاني تشرشيل .
* مؤتمر أنفا : مؤتمر جمع بين الزعيمين السابقي الذكر ، بحضور ملك المغرب محمد الخامس .
* فرحات حشاد : زعيم نقابي تونسي اغتاله الاستعمار الفرنسي سنة 1952 ، فاندلعت مظاهرات كبرى في بلدان المغرب العربي .
من إعداد. ذ. المصطفى قصباوي