في منهجية تحليل النص الأدبي

مدخــل:
لا تختلف العناصر الكبرى في مقاربة النصّ عن مثيلتها في المقال
الأدبي و هي المقدّمة و الجوهر و الخاتمة غير أنّ لكلّ صياغة مميّزاتها،
وهذه العناصر الكبرى تتفرّع داخليّا إلى عناصر صغرى يتوضّح فيها هذا
التّميّز.
صوغ المقدّمة:
تنقسم المقدّمة إلى مجموعة من المحطّات التي يجب على التلميذ أن يتوقف عندها و هي على التوالي التمهيد:
هو فاتحة المقدّمةِ و التحليلِ عامّةً و وظيفته وضع النصّ في إطاره
التاريخي(دون السقوط في التّأريخ) و في سياقه الفكري و شرطه الإيجاز و
يجب أن نتجنّب فيه الأحكام المسبقة من قبيل (نجح، أبدع...) أو الحكم على
النصّ حكماً انطباعيّاً من مثل (أحسن نصوص الأديب، أجمـل ما كتب، أروع...،
خير...)
التقديم الماديّ للنصّ:
وهي عمليّة تأطيريّة للنّصّ قِوامُها نوعُه وتقديم نبذة عن
مُؤلِّفه بما يخدم التحليل والمصدر الذي أخذ منه، مع ضرورة كتابة الأرقام
بلسان القلم عند إشارتنا إلى الصّفحات.
التقديم المعنويّ:
و يكون ذلك بضبط موضوع النصّ و من المستحسن أن تكون صياغة الموضوع في شكل جملة فعليّة.
الإشكاليّات أو محاور الاهتمـام:
هي المرحلة الختاميّة في المقدّمة و المعلنة عن التحوّل من التقديم
إلى الجوهر و يمكن الاستعانة بالأسئلة المرفقة بالنصّ دون التقيّد بها
تقيّدا كلّيّاً لإمكان التصرّف في هذه الأسئلة بالزّيادة أو النقصان أو
إعادة الصّياغة، و يُحبّذ في الإشكاليّة تجنّبُ كثرة الأسئلة كما يجب علينا
أن نلتزم ـ فيما بعد ـ بالإجابة عنها جميعِها حتّى لا نقع في الاختلال
المنهجي.
صوغ الجوهر:
الوَحَدَاتُ المعنويّةُ:
مفردُها وَحدةٌ بفتح الواو اسم مرّة يدلُّ على التكتّل و الانسجام ـ
على نقيض الوِحدة بكسر الواو(اسم هيئة يدلّ على الانعزال والتفكّك)، و
يرى البعض أنّ هذه المرحلة ركن من أركان المقدّمة في حين يرى البعض الآخر
أنّها أولى محطّات الجوهر و لكلّ رأي وجاهته لكنّا انتصرنا إلى الرأي
الثاني لعدّة أسباب منها، أن استهلال الجوهر بالوحدات يمكّن التلميذ من
تجاوز صعوبة بداية هذا القسم إضافة إلى أنّ تقسيم النصّ إلى وحداته
المعنويّة و التعليق على هذا التقسيم ،متى كان في المقدّمة، من شأنه أن
يطيلها و يجعلها تتجاوز قدرها كمًّا، و تفاديا لهذا الأمر فإنّنا ننصح بجعل
تقسيم النصّ إلى وحداته فاتحة الجوهر فيكون ذلك لنا لا علينا و ننبّه إلى
أنّ التقسيم يكون وفق معيار يجب التّصريح به و يجب التعليق عليه بمعنى
التّفَكُّرِ والنظر بصيريّا لا بصريّاً في بنية النصّ الكبرى.
التحليل:
هو أكبر مراحل العمل كمّا و أغزرهـا مادّة، و يكون بالنظر في وحدات
النصّ وحدة فـــوحدة و يتمّ الانطلاق في التحليل من الأساليب إلى
الدّلالات أو المعاني وصولا إلى المقاصد، و في هذه المرحلة نحن مطالبون
بالاستشهـاد بقرائن من النصّ كي يشعر المصحّح بأنّنا نتعـامل مع نصّ و
لسنا بصدد كتابة مقـال حرّ، و يجب أن ننهي تحليل كلّ وحدة بتأليف جزئي
موجَزٍ نجمع فيه أهمّ الاستنتاجات التي انتهينا إليها، و هذا التأليف
الجزئي نحرِصُ فيه على حسْنِ التّخلُّصِ لتحليل الوحدة الموالية، و هكذا
دواليك إلى أن ننتهي من تحليل جميع الوحدات المعلنة آنفاً.

التأليف الكلّي:
لهذا القسم أهميةٌ كبرى رغم تعوّد التلميذِ إهماله ربّما لسوء
تقسيم الوقت المخصّصِ للاِختبار، و فيه نجمع أهمَّ ما انتهينا إليه بعد
تحليلنا للنّصّ و ذلك في المستوى الفنّي ـ الأسلوبي والمستوى المضموني ـ
المعنويّ و لنا أن نستنير بمجموع التآليف الجزئيّة التي ذيّلنا بها تحليل
الوحدات.
تنبيه: لا يجب علينا أن نعتبر هذا القسم بمثابة الفرصة لتحليل فكرة فاتنا التوقّف عندها في التحليل.
التقويم: هو آخر أقسام الجوهر و ينقسم إلى قسمين
أ - التقويم الداخليّ: و يكون ذلك بالبحث في طرافة النصّ و ما حقّقه
من إضافات و مكاسب، كما لنا أن نبدي رأينا ـ بشرط الموضوعيّة ـ في بعض
مباني النصّ و معانيه.
ب- التقويم الخارجي: لنـا في هذا القسم أن نخرج من حدود النصّ المدروس
لنقارنه بنصوص أخرى لنفس المؤلف تشترك مع النص في بعض مميّزاته، و يمكن
أيضا أن نقارنه بنصوص أخرى لغيره من المؤلّفين بشرط إيجاد رابط منطقيّ قويّ
يجمع بينها.
صوغ الخاتمة:
ننبّه في البداية إلى أن الخاتمة هي آخر مرحلة نختم بها مقاربتنا
للنصّ وهي قسم ضروريّ و هـامّ و تشتمل عصارة ما توصّلنا إليه من أفكار في
الجوهر بإيجاز شديد و دون الخوض فيها مجدّدا ثم نفتح آفاقا على مداخل جديدة
أو نصّ آخر قريب من النصّ المدروس قد يشترك معه في الدلالة و يختلف في
طرق التعبير.
هذه المحاولة لا تروم إدراك الكمال في الدّقة المنهجيّة و إنّما هي
مساهمة تسند عمل زملائي (وأساتذتي في آن) اعترافاً بالجميل لهم، وتحفيزًا
لهمم التلاميذ، و قد حاولت فيها الالتزامَ بسفر البرامج الرسميّة للسنة
الرّابعة آداب، و أرجو أن تكون عونا لمقاربة كلّ النصوص أو على الأقلّ
أغلبها.


والله الموفّق

منقول للفائدة