كاتب المقالة: جمال موحد
يكتسي الحديث عن الجانب البيداغوجي داخل منظومتنا التعليمية أهمية قصوى خصوصا في الآونة الأخيرة , حيث عرفت هذه المنظومة تجديدا بيداغوجيا تمثل في بيداغوجيا الإدماج.ولعل أدبيات وزارة التربية الوطنية قد تناولت هذه المقاربة , كما تم تحليلها من طرف العديد من الباحثين و المهتمين الذين قاربوا هذا الموضوع البيداغوجي من زاوايا عدة.لكنني في ورقتي هذه سأحاول طرحه بشكل مبسط مستفيدا من انتاجات عدة باحثين في هذا المجال , وهدفي هو أن يتم تمثل هذه البيداغوجيا من طرف من لم تسعفهم ظروفهم ولاوقتهم من مدرسين ومهتمين تربويين من الإطلاع على كل ماأنتج في هذا الجانب. بعد هذه التوطئة التي كان لابد منها سأحاول بسط الموضوع من خلال النقاط التالية:...
.1من بيداغوجيا الأهداف الى بيداغوجيا الإدماج
2-بيداغوجيا الإدماج الأهداف والمفاهيم.
3- التجريب و أهم العوائق.
من بيداغوجيا الأهداف الى بيداغوجيا الإدماج: لم يعد خاف على كل مهتم و ممارس للفعل التعليمي أننا انتقلنا من بيداغوجية الأهداف الى المقاربة بالكفايات , حيث كان للتدريس بالأهداف فضل كبير في عقلنة وتنظيم العملية التعليمية و إبعادها عن العفوية .كما أن من حسنات بيداغوجيا الأهداف أنها أجبرت المدرس على التحديد الدقيق لأهداف التعلم وكذلك للعدة البيداغوجيا من طرق ووسائل وآليات مناسبة للتقويم,لكن مع ذلك تبقى لهذه البيداغوجيا عيوب ونقائص حسب الباحثين و المنظرين البيداغوجيين,لهذا و من أجل خلق علاقة بين المنتوج المدرسي من جهة ومتطلبات الحياة العملية للمتعلم من جهة أخرى ,ولكي يصبح المتعلم قادرا على التفاعل مع مختلف الوضعيات الحياتية والمشكلات التي ستواجهه مستقبلا تم الإنتقال الى مقاربة بيداغوجية جديدة هي المقاربة بالكفايات , التي حسب الباحث محمد الدريج ستمثل جيلا ثانيا من من منظور الأهداف السلوكية وبالتالي وحسب الدكتور والباحث محمد شرقي فظهور المقاربة بالكفايات سيمثل بمعنى ما وبلغة ابيستيمولوجية احتواء وتجاوزا نوعيا للتدريس بالأهداف ,و هو ما يفهم منه أنه لم تكن هناك أية قطيعة بين بيداغوجية الأهداف والمقاربة بالكفايات. وقد كان جوهر هذه الأخيرة هو تمكين المتعلم من القدرة على استيعاب و استثمار ما اكتسبه من معارف وقدرات ومهارات .واذا ما عدنا الى واقع الممارسة الصفية فسنجد أن هذه المقاربة لم تفعل بالشكل الذي يجعلنا نقر بتطبيقها على أكمل وجه لعدة أسباب لا يتسع المجال لذكرها ,ومن هنا يمكن أن نعتبر بيداغوجيا الإدماج جاءت لتساهم في التفعيل و الأجرأة الحقيقية للمقاربة بالكفايات.
بيداغوجيا الإدماج- الأهداف والمفاهيم: أولا نقول على سبيل التعريف المبسط أن بيداغوجيا الإدماج تعني فيما تعنيه ادماج مكتسبات المتعلم السابقة من خلال انجاز وضعيات لها خصائص تجعلها تختلف وتتميز عن الوضعيات الديداكتيكية , ولبيداغوجيا الإدماج عدة أهداف من بينها :
-أنها تجعل غايتها ما يجب أن يتحكم فيه المتعلم نهاية كل سنة دراسية وكذلك في نهاية التعليم .
-مع هذه البيداغوجيا يصبح للتعلمات معنى وأثر لدى المتعلم , حيث ستمكن هذا الأخيرمن استثمار هذه التعلمات والمكتسبات السابقة عموما من خلال وضعيات ادماجية لها معنى بالنسبة اليه.
-من أهم أهداف بيداغوجية الإدماج أنها تركز على التقويم الإشهادي للمتعلم من خلال توظيف مكتسباته ومن ثم تقويم مدى قدرته على حل وضعيات محسوسة.
أما عن المفاهيم التي تندرج تحث اطار هذه البيداغوجيا فيمكن الحديث عن المثلث المفاهيمي الذي سنحدده كالتالي:
-الكفاية:هذا المفهوم الذي تعددت تعاريفه ولكن برأيي يبقى أدقها حسب روجرز هي امكانية الفرد تحريك مجموعة مندمجة من الموارد في سبيل حل وضعية-مشكلة تنتمي الى عائلة من الوضعيات.
-الموارد:هو مفهوم يكتسي أهمية بالغة , ولا تقتصر الموارد على المعارف فقط كما قد يتبادر الى أذهاننا , ولكنها تتضمن اضافة الى ذلك المهارات والمواقف وبصفة عامة كل المكتسبات السابقة للمتعلم, وهي مايطلق عليها الموارد الداخلية في مقابل الموارد الخارجيةالتي من بينها الوسائل التي لا يمكن بأي حال ممارسة الكفاية بدونها.
-الوضعية: ونقصد هنا الوضعية الإدماجية التي كما سبق ذكره تختلف عن الوضعية الديداكتيكية , فإذا جاز لنا أن نعتبر هذه الأخيرة مجرد تمرين بسيط , فإن الوضعية الإدماجية تعتبر مناسبة لتحقيق الكفاية وأيضا لتقويمها ومن ثم فهي وضعية –مشكلة مركبة ومعقدة .
تجريبها وأهم العوائق:لقد بات معروفا أن وزارة التربية الوطنية وفي اطار البرنامج الإستعجالي بدأت في تطبيق بيداغوجيا الإدماج , حيث كانت البداية بالتجريب الجزئي على مستوى ثلاث آكاديميات وهي تباعا الشاوية ورديغة ومكناس تافلالت والداخلة وادي الذهب ,على أساس أن يتم التعميم ابتداءا من الموسم الدراسي المقبل .وحيث لايمكننا الشروع في تقييم هذه التجربة في الوقت الحالي خصوصا في ظل التجريب المحدود سنكتفي بتحديد أهم العوائق التي لايمكن الحديث عن أي نجاح لهذه البيداغوجيا بدون تجاوزها , وهي كالتالي:
-غياب التعليم الأولي خصوصا في العالم القروي الذي نسجل فيه انعداما شبه تام لكل أشكال هذا النوع من التعليم , وفي ظل هذا الواقع التربوي لايمكننا أن نطالب المدرس بتطبيق بيداغوجيا الإدماج .
-هناك خلل واضح فيما يخص عملية ارساء الموارد لعدة أسباب ليس المجال هنا لذكرها , وهنا ينبغي أن نتذكر دائما القاعدة الذهبية التي تقول لاإدماج لمن لاموارد له, والتي تفيد بأن الإدماج يرتكز أساسا على عملية ارساء جيدة لمختلف الموارد.
-الإكتظاظ الذي تعرفه فصولنا الدراسية والذي أصبح في السنوات الأخيرة قاعدة وظاهرة تستفحل سنة بعد أخرى وتشكل عامل احباط للعملية التعليمية التعلمية برمتها فضلا عن كونها ساهمت وستساهم في افشال بيداغوجيا الإدماج التي تتطلب شروطا موضوعية.
-بنية المؤسسات التحتية خصوصا في الوسط القروي غير مؤهلة , و بدون تأهيلها وتوفير واستعمال الوسائل الديداكتيكية والتعليمية لايمكن أيضا أن نتحدث عن تفاعل ايجابي بين منظومتنا التعليميةو بيداغوجيا الإدماج.
سأكتفي بهذه العوائق التي أعتبرها من أهم يحول دون تمرير وتطبيق حقيقي لبيداغوجيا كبيداغوجيا الإدماج.
وأختم بماقاله الدكتور محمد شرقي الذي يؤكد بأن ثمة مجالات أخرى لامفكر فيها هي المسؤولة عن ضعف منظومتنا التعليمية ومن ثم فالمدخل البيداغوجي يبقى في نظرنا قاصرا لوحده في تجاوز الوضع الحالي الذي تعرفه المؤسسة المدرسية
.
جمال موحد