علماء اللغة
الفراء
هو يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الكوفي، مولى بني أسد أو بني منقر. أبو زكريا. إمام الكوفيين في النحو وأعلمهم باللغة وفنون الأدب. أخذ عن الكسائي ويونس بن حبيب. ولد بالكوفة وانتقل إلى بغداد وعهد إليه المأمون بتربية أبنائه وتأديبهم. كان يميل إلى الاعتزال ويحب النظر في علم الكلام فاكتسب بذلك ملكة النظام وقوة الاستنباط. أمر المأمون أن يفرد له غرفة في حجرة من حجرات الدار، ووكل به جواري وخدما يقمن بما يحتاج إليه حتى لا تتوق نفسه إلى شيء، وصير إليه الوراقين، وأمره أن يؤلف ما جمع من أصول النحو وما سمع من العربية فكان يملي والوراقون يكتبون حتى صنف كتاب الحدود في سنتين، ثم خرج للناس وأملى كتاب (المعاني) فخزنه الوراقون عن الناس ليتكسبوا به. عظم أمر الفراء وعلا قدره في الدولة، حتى تسابق تلميذاه، ابنا المأمون إلى تقديم نعله إليه لما نهض للخروج، ثم اصطلحا على أن يقدم كل منهما فردة، فبلغ المأمون فاستدعاه وقال له: من أعز الناس؟ قال: ما أعرف أعز من أمير المؤمنين، قال: بلى، من إذا نهض تقاتل على تقديم نعله وليا عهد المسلمين، حتى رضي كل واحد أن يقدم له فردة، حرصا عليها.
وقد روي عن ابن عباس أنه أمسك للحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين ركابيهما حين خرجا من عنده، فقال له بعض من حضر: أتمسك لهذين الحدثين ركابيهما وأنت أسن منهما: فقال: اسكت يا جاهل، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل. فقال له المأمون لو منعتهما لأوجعتك لوما وعتبا وألزمتك ذنبا، وما وضع ما فعلا من شرفهما، بل رفع من قدرهما وبين عن جوهرهما، وقد ظهرت لي مخيلة الفراسة بفعلهما، فليس يكبر الرجل وإن كان كبيرا عن ثلاث: عن تواضعه لسلطانه ووالده ومعلمه العلم، وقد عوضتهما بما فعلا عشرين ألف دينار ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك لهما. اشتهر بالفراء ولم يعمل صناعة الفراء، فقيل إنه كان يفري الكلام. شهد معركة (فخ) مع الحسين بن علي بن الحسين سنة 169 هـ في خلافة الهادي وبها قطعت يده. هو ابن خالة محمد بن الحسن الشيباني من تصانيفه: كتاب المقصور والممدود، معاني القرآن، الذكر والمؤنث، آلة الكتابة، الجمع والتثنية في القرآن، الحدو (ألفه للمأمون) كتاب البهي (ألفه لعبد الله بن طاهر، أمير خراسان) ويتعلق بفصيح الكلام، وكتاب الفاخر (في الأمثال) وكتاب الأيام والليالي وغير ذلك من الكتب. توفي عن 63 عاما.