أنشطة التطبيق (إعداد: أبو إسماعيل أعبو)
المرجع: الممتاز في اللغة العربية، ص:51، (للسنة الثانية من سلك الباكلوريا – مسلك الآداب والعلوم الإنسانية).
نص الموضوع:
طبق ما استفدته، في أنشطة الاكتساب، في كتابة إنشاء أدبي حول النص الشعري: "رثاء محمود سامي البارودي باشا" لحافظ إبراهيم، مسترشدا في إنجازك للموضوع بالخطوات والعناصر التالية:
المقدمة: - المستوى الطباعي (الخارجي): نظام الشطرين المتناظرين والمتساويين، وحدة القافية والروي...
- العتبات النصية: اسم الشاعر، عنوان النص، التصدير النصي، الطبعة، مكان وزمان النشر...
- الاشكالية: مراعاة الشمول والعمومية في الطرح، أسئلة فرعية تستهدف عناصر الموضوع...
ii. العرض: - المستوى الدلالي والمعجمي: - الموضوعات والأفكار (المحورية، الأساسية)...
- الحقول المعجمية (العناصر الفاعلة، العلاقات، التيمات المهيمنة..).
*******
مقدمة:
تنتظم القصيدة الشعرية التي نحن بصددها، وفق انتظام القصائد العربية التقليدية، فهي ذات معمارية منشطرة إلى شطرين، يوازي فيها الصدر العجز الذي يختم بروي مطلق، وبقافية متواترة، تتوحد حولهما الأبيات الشعرية، التي أثناء تدرجها، يبدو أولها مصرعا، بينما يبدو كل واحد منها مستقلا بذاته عن الآخر، مما يدل على وحدة البيت الشعري.
وهاته القصيدة تنسب إلى الشاعر المصري حافظ إبراهيم، الذي يعد أحد رواد حركة إحياء النموذج الشعري العربي الأصيل، وهي حركة عملت جادة في منتصف القرن التاسع عشر وبعده، على استلهام النماذج الخالدة من التراث الشعري، وإبداع القصائد الشعرية وفق لغتها، وبلاغتها وشكلها الفني.
فشاعرنا حافظ يحتسب له الزمن دوره الريادي في تفعيل هاته الحركة، التي أرساها أستاذه الشاعر محمود سامي البارودي، الذي خصه حين قضي بالقصيدة التي بين أيدينا، وعنونها باسمه: رثاء محمود سامي البارودي باشا، وهو عنوان يحيلنا مباشرة بجانب التصدير الذي صدرت به القصيدة على الغرض الشعري، وهو الرثاء المعتبر من موضوعات الشعر العربي، ومن أبرزها، وأصدقها، وأكثرها تعبيرا عن المشاعر الإنسانية، لأنه يرتبط بالموت وما يترتب عنها من أحزان.
وهاته القصيدة الرثائية، من القصائد التي تضمنها الجزء الثاني من ديوان حافظ إبراهيم الصادر عن دار العودة، ببيروت، دون ذكر سنة الطبع، وإن اجتُزئت منها أبيات، فإن الأبيات المتبقية تبقى كفيلة بالدلالة على مدى إجادة الشاعر، في صياغته الشعرية التقليدية لغرض الرثاء،وما دمنا سنقتصر في تحليلنا هذا على المستوى الدلالي والمعجمي، لهاته القصيدة، فإن الأسئلة التي تتبادر إلى ذهننا هي:
إلى أي مدى استطاع الشاعر أن يدل على غرض الرثاء دلالة تقليدية؟ وما المضامين التي قرنها به؟ وما الحقول المعجمية التي استدعاها؟
العرض:
تنشد مضامين هاته القصيدة إلى فكرة محورية، تلقي بظلالها على مختلف الأبيات الشعرية، وهي فاجعة موت الشاعر محمود سامي البارودي، التي أفجعت الشاعر حافظ إبراهيم، حتى كادت نتيجة هولها أن تحول دون تعبيره عما يكنه له من مشاعر، بآعتباره شاعرا مميزا، وشخصية محنكة.
فهاته الفكرة الشاملة، تنضوي تحتها أفكار أساسية، ترتبط أولاها بالبيتين الأولين، وهي: استعصاء الكتابة الشعرية على الشاعر، وعدم انقياد البلاغة لشاعريته، نتيجة هول فاجعة موت المرثي.
بينما ترتبط ثانيتها، بالأبيات الخمسة الموالية (3...7)، ففيها يمدح الشاعر البارودي، بما يحظى به من رفعة، وما يتميز به شعره من سلاسة، وفصاحة، ورقة، وعذوبة، وحيوية.
أما ثالثتها، فترتبط بالأبيات (8...13)، وهي تمتدح الشاعر الذي أعلت شأنه الفضيلة، وأظهر في مواجهة تقلبان الدهر حنكة، وشجاعة وقوة الشخصية.
ويختم الشاعر قصيدته، بفكرة تضمنها البيتان الأخيران، حيث يعبر عن استحيائه الشاعر البارودي في كلمه، ويعتذر له على تواضع شعره، وتواضعه.
ولعل الناظر إلى هاته الأفكار يجدها دالة على شخصيتين شاعريتين، الشخصية الأولى هي الذات الراثية التي تأثرت أيما تأثر بموت الشخصية الثانية المرثية، إلى درجة أنها لم تتحمل فاجعة الموت، ولم تقو لشدتها على رثائها شعرا، فهذا الشعر استعصى عليها ولم يطاوعها المطاوعة اللائقة بمقام الشاعر المرثي، لذا لم تجد بدا في نهاية القصيدة من الاعتذار له، والاعتراف بتواضع قريضها.
إن الشاعر المرثي أعلى شأنه الراثي، فأبداه فارسا في الشعر والحرب والكرم، بل أبداه في المقام الأول شاعرا نادرا ما يجود به الزمن، وهو لا يتميز بجمالية شعره فحسب، بل يتميز كذلك بقوة شخصيته في مواجهة الطوارئ التي تطرأ في حياته، وبشجاعته القتالية، وبنفسه التي لا ترضى الذل.
إزاء هاته الدلالات نرى مجديا تحديد الحقول المعجمية المهيمنة التي تدرجت عليها، لاشك أن أبين حقل، يتبين في حقل: تيمة الشعر التي استدعى جملة من الألفاظ المعجمية الدالة على مجالها، فمنها: "بياني، البلاغة، القوافي، فارس الشعر، شاعر، الأناشيد، السلاسة، الفصاحة، بيت له ماء، اليراع، كلمي، تقصيدي، قريضي، قائله...".
وهو معجم يرتبط أغلبه بالذات المرثية فهي الذات الفاعلة الحقيقية، بينما الذات الراثية هي مجرد ذات منفعلة، هي دون مستوى سابقتها.
يلي هذا الحقل المعجمي حقل آخر يهيمن بجانبه على البنية الدلالية للقصيدة، وهو حقل تيمة البطولة الذي تدلنا عليه مركبات معجمية، وتعابير تتمثل في ما يلي:"يا شاعر الشعر والهيجاء والجود، شاعر ضن الزمان به، خير من هز اليراع (القلم) ومن هز الحسام، رفعت لك الفضيلة ركنا غير مهدود، المواهب في ذكر وتخليد، همك هم القادة الصيد، كم وقفة لك والأبطال طائرة(أي مولية بسرعة خشية الموت)...".
هذا فضلا عن ألفاظ وتعابير أخرى، سعى من خلالها الشاعر حافظ إبراهيم إلى تبيان الحظوة البطولية التي حظي بها الشاعر محمود سامي البارودي، وكيف لا يحظى بها، وهو الذي اضطلع بالدور الريادي لحركة إحياء النموذج، ووضع لبنتها الأولى، لذا لا غرابة أن يظهر الشاعر، في سياق نظمه قصيدته جادا في إبداع هذا الإنسان، بدل إبداع قصيدته التي اعترف في نهايتها بتواضعها.
خاتمة:
ولعلنا في خاتمة هذا التحليل لا نعدو الحقيقة، إن قلنا إن غرض الرثاء جاء مصطبغا بصبغة تقليدية، فهو احتوته قصيدة ذات مقومات شكلية قديمة، دأبت عل اعتمادها حركة إحياء النموذج الشعري العربي القديم، وعبرت عنه مضامين اقتفت آثاره القديمة باعتباره تلهفا (أسى وحزن) من جهة، ومدحا للميت من جهة أخرى.
مع الشكر و العرفاء للاستاذ ابو اسماعيل.
الموضوع الأصلي : هنا || المصدر : شبكة التعليم في المغرب