تفاعلات المراهق المغربي مع الإعلام :
يعرف هذا القرن الأخير ثورة إعلامية كبيرة جدا، حيث أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة بفعل تنوع وسرعة وسائل الاتصال. وما يميز المشهد الإعلامي حاليا هو كثرة وتنوع البرامج المختلفة، وذلك بفعل الصحون المقعرة واستعمال الانترنيت بشكل يتزايد يوما عن يوم. والمراهق المغربي تأثر بشكل كبير وخطير جدا بهذا السيل الجارف من المواد الإعلامية التي تنقلها "البارابولات" والصحف والمجلات:
1. الصحف والمجلات: لقد كان لظهور الصورة الملونة والصوت الرقمي، وخدمات الانترنيت السريعة والمتنوعة، الأثر الواضح على استعمال الكتاب عموما، حيث سجل تراجع استعمال الصحف و المجلات في السنوات الأخيرة، وهكذا، فالمراهق المغربي عموما لا يهتم بهذه الصحف، والتي لا تثير اهتماماته أيضا، كما نسجل غياب مجلات تهتم بالأطفال باستثناء بعض المساهمات والإنتاجات والتي لا تلقى تشجيعا من طرف الأوساط الرسمية .
2. "البارابول": يجد المراهقون اليوم أنفسهم أمام برامج مختلفة و كثيرة من شتى الثقافات والإديولجيات العالمية. ويميل في غالب الأحيان المراهقون إلى مشاهدة الأفلام المثيرة أو القنوات الإباحية -إذا توفرت لهم فرصة لذلك-والرسوم المتحركة. وكل هذا في غالب الأحيان لا يناسب مستواهم العمري ونموهم العقلي والوجداني ( باستثناء بعض البرامج). وما يسجل أيضا هو عدم وجود برامج خاصة تناسبهم، تراعي مستواهم النفسي والعقلي، وعدم اهتمام الآباء بما يشاهدونه في غالب الأحيان. وهناك من بسوء فهمه بمنع عليم التلفاز نهائيا ظنا منه أن هذا هو الحل المناسب.
3. الانترنيت: يلاحظ بشكل ملفت وخطير جدا إدمان المراهقين على مقاهي الانترنيت بشكل يومي، التي توفر لهم مواقع ومحادثات سريعة الاتصال ومن دول شتى. والخطير في الأمر هو ما يلاحظ من سوء استعمال هذه الشبكة العنكبوتية من طرف هذه الشريحة البريئة، حيث يلجئون إلى مواقع إباحية أو مواقع لا تناسب مستواهم العقلي والعاطفي.
وعموما، يمكن القول إن هذه الخدمات الإعلامية العملاقة الوسائل، القزمة المضمون في أغلب الأحيان، كان لها تأثير كبير جدا على المجتمعات بصفة عامة، وعلى الأطفال المراهقين بصفة خاصة حيث نلاحظ:
• ظهور العنف بالمدارس الإعدادية والثانوية الناتج عن تقليد بعض الأفلام المثيرة؛
• تدني المستوى التعليمي لدى تلاميذ الإعدادي والثانوي، نظرا لتضييعهم الوقت الكثير أمام البارابولات وفي مقاهي الانترنيت (لا يمكن إرجاع تدني المستوى التعليمي إلى هذا العامل فقط، وإنما هذا عامل أساسي من مجموعة من العوامل المتداخلة على شتى المستويات)؛
• تدني المستوى الأخلاقي داخل الأسر والمدارس بشكل خطير جدا؛
• تنوع وسائل الإعلام حاليا، يكون لدى المراهقين معارف كثيرة عن الثقافات والإديولجيات الموجودة في العالم، مما أضعف دور الأسرة وتأثيرها. وقد تؤدي أحيانا كثرة هذه المعلومات إلى إحداث تناقضات خطيرة داخل كيان المراهق، حيث يتداخل لديه الخيال بالواقع، والحقيقة بالمجاز...
خاتمة:
مرحلة المراهقة مرحلة خطيرة وحرجة في حياة الإنسان، فإذا لم يتم تجاوزها بشكل سليم ستكون لا محالة مخلفات نفسية داخل كيان هذا الفرد . إننا اليوم – كآباء وأساتذة وأصحاب القرار السياسي – مطالبون بوقفة جادة وصريحة، نشخص فيها معاناة فلذات أكبادنا، ثم نتفق بعد ذلك على استراتيجية واضحة المعالم والأهداف،نستطيع من خلالها التحسيس بخطورة ما يعانيه أبناؤنا، والاهتمام بهم.
ولما كانت الطفولة هي الرهان الحقيقي للمستقبل، فسنكون ملزمين بتخصيصها بالاهتمام وتركيز العناية بها حتى نقي الفطرة الطرية لفح الرياح العقيمة ، ونستطيع بالتالي تكوين جيل الغد يكون قادرا على مواجهة التحديات المستقبلية والتي تتجلى معظمها في هيمنة النموذج الغربي الجاهلي الذي تجرد من الدين والأخلاق.
المراجع:
1- الدكتور فاخر عاقل:
علم النفس التربوي، النمو في أثناء المراهقة.
دار العلم للملايين، بيروت ، الطبعة الحادية عشرة، ص:125
2- الأستاذ الحسين باعدي :
المراهقة وصعوبة التعلم
مجلة علوم التربية ، المجلد الثالث ، العدد الثاني والعشرون .
3- الدكتور فاخر عاقل:
علم النفس التربوي، النمو في أثناء المراهقة.
دار العلم للملايين، بيروت ، الطبعة الحادية عشرة، ص:121.
4- الأستاذ الحسين باعدي:
المراهقة وصعوبة التعلم
مجلة علوم التربية ، المجلد الثالث ، العدد الثاني والعشرون .
5- الدكتور فاخر عاقل:
علم النفس التربوي، النمو في أثناء المراهقة.
دار العلم للملايين، بيروت ، الطبعة الحادية عشرة، ص:124.
6- الدكتور فؤاد حيدد :
التخطيط التربوي المدرسي، حاجات الطفل العربي.
دار الفكر العربي ، بيروت ، الطبعة الأولى، 1991 ، ص: 167.
منقول